يعد مرض كرون نوعاً من أنواع أمراض الأمعاء الالتهابية المزمنة (IBD). يسبب مرض كرون التهاباً في أي جزء من أجزاء الجهاز الهضمي وغالباً ما تمتد هذه الالتهابات عبر طبقات متعددة من جدار الأمعاء، مما قد يؤدي إلى مضاعفات مثل الناسور، والخراج.
كان يُعتقد في السابق أن داء كرون نادر الحدوث بين الأطفال وفي صفوف ذوي البشرة السمراء، لكنه يُشخّص الآن بكثرة لدى الأطفال من مختلف الأعمار ولدى أشخاص من أعراق مختلفة. وعلى عكس بعض أنواع أمراض الأمعاء الالتهابية التي تصيب القولون فقط (مثل التهاب القولون التقرحي)، فإن مرض كرون يمكن أن يصيب أي جزء من الجهاز الهضمي من الفم وحتى فتحة الشرج. ومع ذلك، فإنه غالبًا ما يؤثر على نهاية الأمعاء الدقيقة (اللفائفي) وبداية الأمعاء الغليظة(القولون).
وفي هذا المقال سوف نتعرف أكثر عن مرض كرون (crohn’s Disease )أسبابه، وأعراضه، ومضاعفاته وطرق علاجه.
أعراض مرض كرون
تبدأ الأعراض غالبًا لدى المراهقين والبالغين الشباب، لكنها قد تظهر في أي عمر.
من الأعراض الأساسية والمميزة لمرض كرون:
- آلام في البطن.
- الإسهال.
وفي بعض الحالات المعقدة تظهر النواسير المعوية أو انسداد الأمعاء. يتسم سير المرض على المدى الطويل بنوبات مفاجئة من التهيج وفترات من الهدوء. وهناك بعض الأعراض الأخرى التي تظهر على المريض ومنها:-
- النزيف الشرجي.
- الحمى.
- فقدان الوزن، وفقدان الشهية.
- الغثيان والقيء.
- سوء التغذية ونقص الفيتامينات.
- الشعور العام بالإرهاق.
- فقدان الكتلة العظمية (هشاشة العظام).
- مشكلات نفسية واجتماعية، مثل: الاكتئاب، والقلق، وصعوبة التكيف.
- فشل النمو لدى الأطفال، وقد يسبق ظهور الأعراض الهضمية بعدة سنوات.
أسباب مرض كرون
على الرغم من أن السبب الدقيق للمرض لم يُعرف حتى الآن، إلا أن الأبحاث تشير إلى أن المرض ناتج عن تفاعل معقد بين عوامل وراثية، واضطرابات في جهاز المناعة، ومؤثرات بيئية. هذه العوامل مجتمعة تساهم في حدوث رد فعل مناعي غير طبيعي يؤدي إلى التهاب مزمن فى الأمعاء، وفهم هذه الأسباب يُعد خطوة مهمة نحو التشخيص المبكر، وتحسين طرق العلاج، وتوجيه الأبحاث العلمية نحو اكتشاف وسائل فعالة للوقاية والعلاج، ومن هذه العوامل:-
1. خلل في الجهاز المناعي
يُعد السبب الرئيسى ففي الوضع الطبيعي، يحارب الجهاز المناعي البكتيريا والفيروسات الضارة، لكن في حالة مرض كرون، يهاجم الجهاز المناعي أنسجة الجسم السليمة فى القناة الهضمية. هذا التفاعل المناعي الخاطئ يؤدي إلى التهاب مزمن وتلف في أنسجة الأمعاء، مما يسبب أعراض المرض المعروفة.
2. العوامل الوراثية
الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للمرض، يكونون أكثر عرضة للإصابة. وقد تم تحديد بعض الطفرات الجينية المرتبطة بالمرض، مثل طفرة جين NOD2، التى تؤثر على طريقة استجابة الجسم للميكروبات.
3. العوامل البيئية
رغم أن العوامل الوراثية تُمهد الطريق، إلا أن العوامل البيئية قد تكون المحفز لظهور المرض أو لتفاقم حالته، ومن أبرز هذه العوامل:
- العدوى المعوية السابقة.
- استئصال الزائدة الدودية .
- التدخين.
4. عوامل أخرى محتملة
هناك بعض العوامل الأخرى التي قد تُساهم في ظهور أو تفاقم المرض، منها:
- النظام الغذائي ونمط الحياة.
- اختلال توازن البكتيريا النافعة في الأمعاء (الميكروبيومMicrobiome).
- الضغوط النفسية (ليست سببًا مباشرًا، لكنها قد تؤدي إلى تهيّج الأعراض).
تشخيص مرض كرون
يُعد تشخيص مرض كرون عملية شاملة تشمل الفحص السريري، والتحاليل المعملية، والدراسات التصويرية لتأكيد وجود الالتهاب، وتحديد مكانه وشدته، بالإضافة إلى استبعاد أمراض أخرى ذات أعراض مشابهة.
أولًا: الفحص السريري
العلامات الحيوية
غالبًا ما تكون طبيعية، ولكن قد يظهر:
- تسارع فى ضربات القلب (تسرع القلب) فى حالات فقر الدم أو الجفاف.
- حمى متقطعة مزمنة فى بعض الحالات.
الفحص الهضمي
يتم من خلاله تقييم:-
- قوة العضلة العاصرة الشرجية.
- وجود أي تغيرات واضحة في مخاطية المستقيم.
- وجود دم في البراز (hematochezia).
الفحص البولي والتناسلي
قد يظهر:
- زوائد جلدية (skin tags).
- ناسور (fistula).
- تقرحات، أو خراجات، أو تليف حول منطقة الشرج.
- حصوات الكلى (nephrolithiasis)، استسقاء الكلى (hydronephrosis)، وناسور بين الأمعاء والمثانة (enterovesical fistula).
النمو والتطور
الأطفال المصابون قد يعانون من:
- تباطؤ في معدل النمو.
- تأخر في البلوغ.
ثانيًا: الفحوصات المخبرية
رغم أن تحاليل الدم فى مرض كرون غير محددة بشكل دقيق، إلا أنها تساعد فى تقييم مستوى الالتهاب، والحالة الغذائية، ونقص الفيتامينات والمعادن.
من التحاليل الأساسية:
- عد دم كامل (CBC).
- تحليل كيمياء الدم.
- اختبارات وظائف الكبد.
- مؤشرات الالتهاب مثل: البروتين المتفاعل C (CRP ومعدل ترسيب كريات الدم الحمراء (ESR).
- تحاليل البراز (للكشف عن الدم، أو العدوى، أو مؤشرات الالتهاب).
- تحاليل مناعية (Serologic tests) في بعض الحالات.
ثالثًا: الأشعة التصويرية
تُستخدم لتحديد مدى ومكان الالتهاب، والكشف عن المضاعفات مثل التضيق أو الناسور.
من الوسائل المستخدمة:
- الأشعة البسيطة للبطن.
- دراسات الباريوم .
- الأشعة المقطعية (CT scan) على البطن.
- التصوير المقطعي المعزز بصبغة خاصة للأمعاء أو الرنين المغناطيسى المعزز .
- الرنين المغناطيسي للحوض (Pelvic MRI) – لتقييم المنطقة الشرجية والناسور.
- السونار البطني أو التنظيري.
تشخيص مرض كرون يتطلب تقييمًا دقيقًا يجمع بين الفحص السريري، والتحاليل، والتصوير لتحديد أفضل خطة علاجية. الكشف المبكر والدقيق يمكن أن يُحسّن من نتائج العلاج بشكل كبير.
اقرأ أيضا: التهاب القولون التقرحي وأهم 7 اختلافات مع مرض كرون
علاج مرض كرون
لا يوجد علاج نهائي لمرض كرون حتى الآن، ولكن توجد عدة أنواع من الأدوية التي تُستخدم للسيطرة على الأعراض وتخفيف حدتها وتقليل الالتهاب. يتم اختيار العلاج بناءً على شدة المرض، ومكان الإصابة، واستجابة المريض للأدوية السابقة.
الأدوية المستخدمة في علاج مرض كرون:-
1. مشتقات حمض الأمينو ساليسيليك (5-ASA)
تُستخدم بشكل أساسي في الحالات الخفيفة إلى المتوسطة، خصوصًا عندما يكون الالتهاب فى القولون ومنها:
- Mesalamine
- Sulfasalazine
- Balsalazide
2. الكورتيزون (Corticosteroids)
تُستخدم لعلاج النوبات الحادة من الالتهاب، لكن لا يُنصح باستخدام الكورتيزون لفترات طويلة بسبب آثارها الجانبية، ومنها:
- Prednisone
- Methylprednisolone
- Budesonide
- Hydrocortisone
- Prednisolone
3. مثبطات المناعة (Immunosuppressive Agents)
تُستخدم لتقليل نشاط الجهاز المناعي ومنع الالتهاب المستمر، وغالبًا ما تكون فعالة على المدى الطويل:
- Mercaptopurine
- Methotrexate
- Tacrolimus
4. الأجسام المضادة وحيدة الخلية (Monoclonal Antibodies)
تُعتبر من العلاجات البيولوجية المتقدمة، وتُستخدم للمرضى الذين لم يستجيبوا للعلاجات التقليدية:
- Infliximab
- Adalimumab
- Certolizumab pegol
- Natalizumab
- Ustekinumab
- Vedolizumab
- Mirikizumab
5. المضادات الحيوية (Antibiotics)
تُستخدم في بعض الحالات التى تتضمن وجود خراجات أو نواسير أو التهابات موضعية، ومنها:ـ
- Metronidazole
- Ciprofloxacin
6. الأدوية المضادة للإسهال
تُستخدم لتخفيف أعراض الإسهال، لكن يجب الحذر من استخدامها عند وجود انسداد معوي:
- Loperamide
- Diphenoxylate-atropine
7. مضادات أحماض الصفراء (Bile Acid Sequestrants)
تُستخدم إذا كان الإسهال ناتجًا عن سوء امتصاص أحماض الصفراء بعد استئصال جزء من الأمعاء:
- Cholestyramine
- Colestipol
8. مضادات الكولين (Anticholinergic Agents)
تُساعد في تخفيف التقلصات المعوية وآلام البطن، ومنها:
- Dicyclomine
- Hyoscyamine
- Propantheline
بعض الأدوية قد تُستخدم بمفردها أو مع أدوية أخرى للحصول على أفضل نتيجة.
الجراحة ومرض كرون
على عكس التهاب القولون التقرحي، فإن مرض كرون لا يُعالج بشكل نهائي بالجراحة، ولكن الأطباء غالبا ما يلجأون إليه نتيجة المضاعفات وفشل السيطرة على الأعراض في الحالات التالية:.
- وجود مضاعفات مثل: الناسور، أو الخراجات، أو الانسداد المعوي، أو النزيف المزمن.
- الفشل في الاستجابة للعلاج الدوائي.
- التضيق (الضيق الشديد في الأمعاء).
- التهابات شديدة أو موضعية لا تستجيب للعلاج.
تشمل التدخلات الجراحية الممكنة:
- استئصال الجزء المصاب من الأمعاء.
- إيليكولوستومي (Ileocolostomy )
لتفريغ محتوى الأمعاء وتحسين الالتهاب مؤقتًا. - تصريف الخراجات أو الالتهابات الحادة.
- رأب التضيق (Strictureplasty)
إجراء يُستخدم لتوسيع الجزء المتضيق من الأمعاء دون استئصاله، للحفاظ على طول الأمعاء. - توسيع التضيق بالتنظير (Endoscopic dilatation).
- جراحات القولون وتشمل:-
- استئصال جزئي أو كلي للقولون.
- استئصال المستقيم والقولون بالكامل.
المصادر
- https://emedicine.medscape.com/article/172940-medication
- https://www.nhs.uk/conditions/crohns-disease/
- https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/crohns-disease/symptoms-causes/syc-20353304
- https://www.niddk.nih.gov/health-information/digestive-diseases/crohns-disease
- https://crohnsandcolitis.org.uk
GIPHY App Key not set. Please check settings