كان اكتشاف الانسولين في بدايات القرن العشرين، ثورة في علاج مرض السكري وأملاً للمرضى في حياة أفضل. قبل هذا الاكتشاف كان مرض السكري يعد مرضاً مميتاً لا يمكن التعايش معه، ولكن بعد اكتشاف الأنسولين أصبح من الممكن السيطرة على المرض، والتقليل من مضاعفاته الخطيرة.
في هذا المقال نستعرض أهمية الأنسولين، وأنواعه، واستخداماته، بالإضافة إلى التقنيات الحديثة التي جعلت العلاج بالأنسولين أكثر فعالية وسهولة.
ما هو الانسولين؟
الانسولين هو هرمون طبيعي تفرزه خلايا بيتا في جزر لانجرهانز الموجودة بالبنكرياس، استجابة لارتفاع مستويات السكر في الدم بعد تناول الطعام.
يعد الأنسولين بمثابة المفتاح الذي يفتح قفل الخلايا لتسمح بدخول الجلوكوز لتستخدمه الخلية كمصدر للطاقة.
في حال نقص الأنسولين أو غيابه يظل الجلوكوز في الدم ولا يتمكن من الدخول إلى الخلايا، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوياته في الدم بشكل كبير، وهو ما يسبب الإصابة بمرض السكري، ويحدث هذا في:
- مرض السكري من النوع الأول: وهو أحد أمراض المناعة الذاتية، ويحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي الخلايا المنتجة للأنسولين مما يؤدي إلى توقف إنتاجه. يشخص هذا النوع غالباً في الأطفال والمراهقين، ولكن يمكن أن يصيب البالغين كذلك.
- مرض السكري من النوع الثاني: يحدث حين تقل استجابة الخلايا للأنسولين وهو ما يسمى بمقاومة الأنسولين. تلعب الوراثة، والسمنة، والنظام الغذائي غير الصحي أدواراً مهمة في الإصابة بهذا المرض. كان هذا المرض غالباً ما يشخص في البالغين، ولكنه في السنوات الأخيرة، أصبح يشخص أيضا لدى الأطفال والمراهقين مع زيادة معدلات السمنة وقلة النشاط البدني.
متى يحتاج مريض السكر الانسولين؟
يحتاج مريض السكر الانسولين في الحالات التالية:
- السكري من النوع الأول: لا بديل للمريض عن الأنسولين بشكل مستمر طوال حياته.
- السكري من النوع الثاني: فقط حين لا تحقق الأدوية الفموية السيطرة الكافية على مستويات السكر، أو بشكل مؤقت في حالات الإجهاد والمرض الشديد.
- سكري الحمل: إذا لم يتم التحكم في مستويات السكر في الدم عن طريق النظام الغذائي والتمارين، يصبح الأنسولين هو الحل إلى حين الولادة، بعدها تعود مستويات السكر إلى المعدلات الطبيعية.
- في الحالات الطارئة والحادة مثل: الحماض الكيتوني السكري (DKA) أو في حالة فرط الأسمولية وفرط السكر في الدم (HHS).
- الجراحة أو الإجراءات الطبية الكبيرة: سيحتاج مريض السكري من أي نوع إلى الأنسولين قبل إجراء الجراحة وبعدها أثناء فترة التعافي.
اقرأ أيضا: التغذية السليمة لمرضى السكري
انواع الانسولين
تتعدد أنواع الانسولين لتحاكي عمل الأنسولين الطبيعي في تنظيم مستويات السكر في الدم على مدار اليوم، حيث تختلف أنواعه تبعاً لعدة عوامل وهي:
- سرعة بدء المفعول: وهي المدة التي يحتاجها الأنسولين ليبدأ تأثيره.
- ذروة المفعول: ويقصد به الوقت الذي يكون فيه الأنسولين في أقصى درجات فعاليته.
- مدة المفعول: وهي المدة التي يظل فيها الأنسولين فعالاً.
- التركيز: يعبر عنه بالوحدات الدولية لكل مليلتر.
- طريقة الإعطاء: إما عن طريق الحقن أو الاستنشاق.
وبناءً على هذه العوامل تنقسم أنواع الأنسولين إلى عدة أنواع رئيسية وهي كالتالي:
- الأنسولين سريع المفعول: يبدأ مفعوله خلال 5 إلى 15 دقيقة لذا يؤخذ قبل الطعام مباشرة، ويصل إلى ذروة عمله خلال 1-3 ساعات، ويستمر تأثيره لمدة 4 ساعات، ومن أمثلته:
أنسولين أسبارت، و أنسولين ليسبرو.
- الأنسولين قصير المفعول: يبدأ مفعوله خلال 30 إلى 60 دقيقة لذا يؤخذ قبل الأكل بنصف ساعة أو ساعة على أقصى تقدير. يصل إلى ذروة عمله خلال 2-4 ساعات، ويستمر تأثيره لمدة تصل إلى 8 ساعات، يستخدم للتحكم في ارتفاع سكر الدم بعد الوجبات وكذلك في الحالات الطارئة، ومن أمثلته:
هيومولين آر، ونوفولين آر.
- الأنسولين متوسط المفعول: يبدأ تأثيره بعد ساعة إلى ساعتين، ويصل إلى ذروة عمله في خلال 4-6 ساعات، ويستمر تأثيره لمدة تصل إلى 12-18 ساعة، يؤخذ قبل النوم ليلاً لضبط مستويات السكر في الدم خلال ساعات النوم، ويستخدم مع الأنسولين سريع المفعول نهاراً لضبط مستويات السكر في الدم بين الوجبات، ومن أمثلته:
NPH
- الأنسولين طويل المفعول: يبدأ عمله بعد ساعتين تقريباً، ليس له ذروة عمل، ويستمر تأثيره لمدة تصل إلى 24 ساعة، لذا يؤخذ مرة واحدة يومياً، ومن أمثلته:
الأنسولين غلارجين مثل اللانتوس.
- الأنسولين فائق المفعول: يبدأ عمله بعد 6 ساعات، ويستمر تأثيره لمدة تصل من 36 ساعة إلى يومين، ومن أمثلته:
الأنسولين ديجلوديك مثل تريسيبا.
- الأنسولين سابق الخلط: حيث يخلط الأنسولين قصير أو سريع المفعول مع الأنسولين متوسط المفعول في عبوة واحدة، وذلك لتغطية ارتفاع السكر في الدم بعد الوجبات وعلى مدار اليوم، ويؤخذ مرتين يومياً (صباحاً ومساءً)، ومن أمثلته:
أنسولين ميكستارد 30
اقرأ أيضا: الجلوكوفاج و3 آليات لخفض السكر في الدم والجلوكوفانس
طرق أخذ الانسولين
لا يمكن أخذ الأنسولين عن طريق الفم، وذلك لأنه هرمون بروتيني عرضة للتحلل في الجهاز الهضمي، ولكن توجد عدة طرق لأخذ الأنسولين وهي:
- سرنجة الأنسولين: وهي محقنة ذات إبرة رفيعة وصغيرة، وتحتوي على مقياس دقيق لتحديد كمية الأنسولين المطلوبة لسحبها من زجاجة الأنسولين، ويحقن بها الأنسولين تحت الجلد.
- قلم الأنسولين: وهو عبارة عن قلم مملوء بالأنسولين، حيث يمكن للمريض ضبط الجرعة بسهولة بالضغط على زر خاص، وهو مزود بإبرة رفيعة جداً للحقن تحت الجلد يتم تغييرها بعد كل استخدام. بعض الأقلام يعاد ملؤها وبعضها يستخدم حتى تنتهي ولا يمكن إعادة ملئها. يتميز قلم الأنسولين بصغر حجمه وإمكانية حمله في أي مكان، مما يجعله بديلاً مريحاً لسرنجة الأنسولين، وإن كان أغلى ثمناً.
- مضخة الأنسولين: وهي جهاز صغير يحتوي على خزان مملوء بالأنسولين، يتم توصيل هذا الخزان بجهاز إلكتروني مزود بشاشة وأزرار لضبط الجرعات، وتتصل المضخة بجسم المريض عن طريق أنبوب رفيع مرن يُدخل تحت الجلد، مما يسمح بتوصيل الأنسولين بشكل دقيق ومستمر.
- جهاز استنشاق الأنسولين: وهو جهاز طبي يحتوي على أنسولين سريع المفعول على شكل مسحوق، يتم استنشاقه في بداية كل وجبة عبر الفم ليصل إلى الرئتين مباشرة، ومنها إلى الدم بسرعة مما يضمن التحكم السريع في مستويات السكر في الدم.
اقرأ أيضا: أوزمبك (Ozempic): دواء ثوري في علاج السكري وإدارة الوزن
اماكن حقن الانسولين
أفضل أماكن حقن الانسولين هي تلك التي تحتوي على طبقة دهنية سميكة تحت الجلد وهي:
- منطقة البطن: وهي أفضل أماكن حقن الأنسولين لسرعة امتصاصه، ولأنها أقل مناطق الحقن إيلاماً. ويفضل الحقن في الجزء السفلي من البطن مع البعد عن السرة.
- الجزء الأمامي من الفخذ.
- الجزء الخلفي من الذراع.
- الجزء العلوي الخارجي من الأرداف.
مع مراعاة تغيير مكان الحقن في كل مرة لتجنب الضمور الشحمي.
الآثار الجانبية للانسولين
أهم الآثار الجانبية للأنسولين:
- نقص سكر الدم: نتيجة أخذ جرعة زائدة من الأنسولين، أو نتيجة عدم تناول الطعام لفترة طويلة بعد أخذ جرعة الأنسولين، أو لعدم تناول كمية من الكربوهيدرات تتناسب مع جرعة الأنسولين.
- زيادة الوزن.
- تفاعلات تحسسية في منطقة الحقن: حكة، وتورم، وطفح جلدي أو احمرار في مكان الحقن.
- تكون تكتلات دهنية في منطقة الحقن أو حدوث الضمور الشحمي.
الانسولين الذكي
الأنسولين الذكي هو علاج واعد لمرضى السكري، وإن كان لا يزال في طور البحث والاختبار.
يعمل العلماء على تطوير أكثر من شكل للأنسولين الذكي مثل: الكبسولات واللصقات الجلدية.
تتلخص فكرة عمله في محاكاة عمل الأنسولين الطبيعي، حيث يستجيب تلقائياً للتغير في مستويات سكر الدم، فينشط حين ترتفع مستويات سكر الدم، وعندما ينخفض مستوى السكر يصبح غير نشط مرة أخرى.
اقرأ أيضا: كل ما تحتاج لمعرفته عن حقن مونجارو للتخسيس
المصادر
- https://my.clevelandclinic.org/health/body/22601-insulin
- https://www.medicalnewstoday.com/articles/323760
- https://www.healthline.com/health/type-2-diabetes/insulin#managing-diabetes-with-insulin
- https://www.webmd.com/diabetes/diabetes-types-insulin
- https://www.diabetes.co.uk/insulin/smart-insulin.html
GIPHY App Key not set. Please check settings