التغذية الصحية للطفل تمثل حجر الأساس لنمو الطفل الجسدي والذهني، فهي تُدعم التطور السليم للجسم، وتقوي المناعة، وتُحسّن الأداء العقلي. الأطفال يحتاجون إلى تغذية موازنَة تلبي حاجاتهم من الطاقة، والعناصر الغذائية الأساسية مثل البروتينات، والكربوهيدرات، والدهون المفيدة، إضافةً إلى الفيتامينات، والمعادن الأساسية مثل الكالسيوم، والحديد، والفيتامينات A وC وD.
النظام الغذائي يجب أن يقوم على التنوع والاعتدال، فهو يساهم في تحقيق الوزن المناسب ويقي من الأمراض المزمنة مثل السكري، وأمراض القلب، والسمنة في المستقبل. وتوصي منظمة الصحة العالمية بأن لا تزيد الدهون عن 30% من السعرات اليومية، والسكر المضاف أقل من 10% (أو أقل من 5% قدر الإمكان) والملح أقل من 5 غرامات يوميًا.
البروتينات: لبنة النمو الأساسية
البروتين ضروري في التغذية لتكوين الخلايا والعضلات ودعم جهاز المناعة، وهو مهم جدًا للأطفال في مراحل النمو. يُفضل اختيار مصادر البروتين الصحية مثل الأسماك، واللحوم الخالية من الدهون، والدجاج، والبيض، والبقوليات، والمكسرات غير المملحة، ومنتجات الصويا.
كمية البروتين اليومية تعتمد على عمر الطفل، لكن بشكل عام من المهم توزيع وجبات البروتين بانتظام خلال اليوم لتعزيز النمو.
الكربوهيدرات: المصدر الرئيسي للطاقة
الكربوهيدراتفي التغذية تُوفر الطاقة اللازمة لنشاط الطفل ونموه. ينصح بالتركيز على المصادر الصحية منها مثل الحبوب الكاملة (الخبز الأسمر، الأرز البني، الشوفان، الكينوا)، والخضراوات، والفواكه، والبقوليات. ويُفضل التقليل من السكريات المكررة، والمشروبات المحلاة لما لها من تأثير سلبي على الصحة العامة.
يجب تشجيع الطفل على تناول الخضروات والفواكه المتنوعة يوميًا، مع التحكم في كميات السكر المضاف إلى أقل من 10% من السعرات اليومية.
الدهون الصحية: دعم النمو العقلي والبدني
الدهون المفيدة في التغذية، مثل أوميغا‑3 وأوميغا‑6، ضرورية لنمو الدماغ، ووظائف الجسم. توجد عادة في الأسماك (مثل السلمون والتونة)، وزيوت النبات مثل زيت بذر اللفت، والمكسرات، والبذور غير المملحة.
كما تُوصي المؤسسات الصحية بأن لا يزيد إجمالي الدهون اليومية عن 30‑35% من الطاقة للأطفال، مع التركيز على الدهون غير المشبعة والاستغناء عن الدهون المشبعة والمتحولة قدر الإمكان.
الكالسيوم والفيتامين د: أسنان وعظام قوية
الكالسيوم في التغذية ضروري لنمو العظام والأسنان، بينما فيتامين د يعزز امتصاص الكالسيوم ويقوي المناعة. يمكن للأطفال الحصول عليهما من منتجات الألبان قليلة الدسم، أو الخالية من الدسم مثل اللبن، والجبن، والحليب المدعّم، إضافةً إلى التعرض المعتدل للشمس للحصول على فيتامين د.
الحديد والفولات: لمكافحة فقر الدم ودعم النمو الذهني
الحديد أساسي في التغذية لتكوين خلايا الدم الحمراء ومنع فقر الدم، بينما الفولات (أحد فيتامينات المجموعة B) ضروري لتكوين الخلايا الجسدية والعصبية. مصادر جيدة لهما تشمل اللحوم الخالية من الدهون، والدجاج، والبيض، والبقوليات، والخضروات الورقية، والفواكه مثل البرتقال والفراولة.
الألياف: صحة الجهاز الهضمي
الألياففي التغذية تساعد على تنظيم الهضم والحفاظ على مستويات الكوليسترول والسكر في الدم، وتحسين الشعور بالشبع. ومن خلال تناول خمس حصص يومية من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، يمكن للطفل الحصول على الكمية اللازمة من الألياف بطريقة طبيعية.
تنظيم الوجبات والعادات الغذائية
من المهم تقسيم الغذاء اليومي إلى ثلاث وجبات رئيسية ووجبتين خفيفتين، مع الاهتمام بوجبة الإفطار وتجنب تفويتها. يمكن للأطفال تناول وجبة صغيرة صحية بدلًا من وجبتين رئيسيتين إذا لزم الأمر، ويُفضل أن تكون الوجبات منتظمة بعدة ساعات.
تشجيع العادات الصحية عند الأطفال
النموذج الأمثل للطفل يبدأ من والديه ومحيطه. فإذا رأى الطفل الآخرين يتبعون نمطًا صحيًا في التغذية ونشاطًا بدنيًا منتظمًا، فإنه سيتعلم تبني هذه العادات بشكل طبيعي.
كما يُمكن تقديم الأطعمة الجديدة بكميات صغيرة أولاً، وتشجيع تذوق الخضروات والفواكه الملونة مع وجبة محببة له تدريجيًا، مما يعزز تقبله للطعام الصحي بمرور الوقت.
اقرأ أيضًا: السمنة: أسبابها، ومضاعفاتها، وطرق فعالة للتخلص منها
السلوك الغذائي والنشاط البدني
الغذاء وحده لا يكفي؛ يجب تشجيع الأطفال على الحركة والنشاط البدني اليومي، خاصّة في ظل انتشار السلوكيات الخاملة والاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية. النشاط البدني يساهم في ضبط الوزن وتعزيز الصحة العامة.
كما أن تقييد وقت الشاشة بطريق متوازن يساعد على زيادة النشاط ووقت اللعب الخارجي، مما يُشكل جزءًا مهمًا من التغذية الصحية والرفاهية العامة.
خطوات عملية للتغذية السليمة
1.التنوع: احرص على تقديم وجبات تجمع بين البروتين والحبوب والخضراوات والدهون الصحية.
2. تجنب الأطعمة المصنعة: قلّل من الوجبات السريعة والمشروبات المحلاة والأطعمة الغنية بالدهون المشبعة.
3. تشجيع تجربة جديدة: قدّم كميات صغيرة من فواكه وخضروات متنوعة وشجع الطفل على تجربتها.
4. وجبة الإفطار: اجعلها وجبة أساسية لتوفير الطاقة والتركيز طوال اليوم.
5. البدائل الصحية: استخدم طرق طبخ صحية مثل الشوي، أو القلي بالهواء، أو الاستخدام المحدود للزيوت المشبعة.
6. التحفيز والمكافآت: شجع الطفل بوسائل إيجابية مثل مشاركة اختياراته وتحفيز جهودهم.
7. النموذج الأسري: اعرض سلوكك الغذائي الصحي أمام الطفل؛ الأطفال يتعلمون فعليًا ممن حولهم.
8. الحد من السكر والملح: استخدم التوابل الطبيعية عوضًا عن الملح، وتجنب العسل أو السكر المضاف بشكل مفرط.
9. المتابعة الدورية: تابع الوزن والطول بانتظام، وتأكد من استشارة مختص عند الحاجة.
الفوائد طويلة الأمد للتغذية السليمة
اتباع نظام غذائي صحي منذ الطفولة يعود بفوائد مستقبلية: نمو بدني وعقلي أفضل، تحكم في الوزن، تقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري، وأمراض القلب، وفقر الدم، ودعم قوي للجهاز المناعي والهضمي.
تغذية الرضع حتى عمر سنتين
في مرحلة الرضاعة حتى عمر 6 أشهر، يوصى بإرضاع الطفل رضاعة طبيعية حصرية لأنها توفر الغذاء المتوازن والكامل. بعد ذلك، تبدأ الأطعمة التكاملية تدريجيًا مع استمرار الرضاعة حتى السنتين، مع تجنب إضافة الملح والسكر إلى الطعام.
ختامًا، تغذية الطفل منذ نعومة أظفاره ليست مجرد توفير طعام، بل بناء أساس صحي طويل الأمد. من خلال تنويع الوجبات، وتشجيع العادات الصحية، يمكنك أن تضع طفلَك على طريق النمو الصحيح والسعيد.
المصادر:
- https://www.mayoclinic.org/healthy-lifestyle/childrens-health/in-depth/nutrition-for-kids/art-20049335
- https://www.webmd.com/children/kids-healthy-eating-habits
- https://www.healthline.com/health/childrens-health
GIPHY App Key not set. Please check settings