السمنة: القاتل الصامت الذي يهدد صحتك دون أن تشعر

هل فكرت يومًا أن زيادة بسيطة في الوزن قد تكون بداية رحلة غير مرئية نحو أمراض تهدد حياتك؟ الحقيقة الصادمة أن السمنة تُعد اليوم مرضًا مزمنًا ومعقّدًا يقف خلف أكثر من 200 مشكلة صحية، بدءًا من ارتفاع ضغط الدم والسكري وصولًا إلى أمراض القلب والكبد وحتى السرطان.
ورغم خطورتها، تبقى السمنة من أكثر الأمراض التي نتجاهلها لأنها لا تُحدث ألمًا مباشرًا، بل تعمل في صمت، تُضعف المناعة وتقلل جودة الحياة ببطء شديد.

ما هي السمنة وما الفرق بينها وبين زيادة الوزن؟

السمنة هي تراكم مفرط للدهون في الجسم يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصحة العامة. وهي ليست مجرد زيادة في الوزن، بل مرض مزمن يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكري، واضطرابات الهرمونات وحتى السرطان.

أعراض السمنة: مؤشرات يجب الانتباه إليها

رغم أن السمنة لا تظهر فجأة ولا تُسبّب ألمًا مباشرًا، إلا أن لها علامات واضحة يمكن ملاحظتها مبكرًا. أبرز هذه الأعراض هي الزيادة المستمرة في الوزن وتراكم الدهون في مناطق معينة من الجسم مثل البطن والفخذين والذراعين.

إلى جانب ذلك، قد يعاني المصابون بالسمنة من:

• ضيق في التنفس عند المجهود البسيط.
  
• تعب مزمن وانخفاض في مستوى الطاقة.
  
• مشكلات في النوم أو انقطاع النفس أثناء النوم.
  
• آلام في المفاصل أو أسفل الظهر.
  
• التعرّق الزائد وصعوبة في الحركة.
  
• انخفاض الثقة بالنفس أو اضطرابات المزاج.
  

هذه الأعراض قد تتطور تدريجيًا، وغالبًا ما يتم تجاهلها حتى تتفاقم الحالة وتظهر المضاعفات المزمنة.

كيف تُشخَّص السمنة؟

يستخدم الأطباء مؤشر كتلة الجسم (BMI) ومحيط الخصر لتحديد السمنة:

• مؤشر كتلة الجسم:
  
  • السمنة من الدرجة الأولى: من 30 إلى أقل من 35 كجم/م².
    
  • السمنة من الدرجة الثانية: من 35 إلى أقل من 40 كجم/م².
    
  • السمنة من الدرجة الثالثة: 40 كجم/م² فأكثر.
    
• محيط الخصر:
  خطر أعلى للإصابة بالأمراض المزمنة عند
  
  • أكثر من 35 بوصة للنساء.
    
  • وأكثر من 40 بوصة للرجال.
    

 السمنة عند الأطفال: خطر يبدأ مبكرًا

لم تعد السمنة مشكلة تخص البالغين فقط، بل أصبحت اليوم أحد أكثر أمراض الطفولة شيوعًا وانتشارًا في العالم. تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن واحدًا من كل خمسة أطفال يعاني من زيادة في الوزن أو السمنة، وهي نسبة مقلقة تتزايد سنويًا.

تحدث السمنة عند الأطفال غالبًا بسبب مزيج من العادات الغذائية غير الصحية مثل تناول الوجبات السريعة والمشروبات المحلّاة، إلى جانب قلة النشاط البدني بسبب الجلوس الطويل أمام الشاشات. كما تلعب العوامل الوراثية والنفسية دورًا في زيادة القابلية لتخزين الدهون في وقت مبكر.

وتكمن الخطورة في أن الأطفال المصابين بالسمنة أكثر عرضة للإصابة بالسكري من النوع الثاني وأمراض القلب في سن صغيرة، كما قد يواجهون مشاكل نفسية مثل ضعف الثقة بالنفس أو التنمّر.
لذلك، ينصح الخبراء بالبدء في تعديل نمط حياة الأسرة بالكامل، وتشجيع الأطفال على الحركة والنوم الجيد وتناول الطعام الصحي بدلًا من فرض قيود قاسية على الوزن.

أسباب السمنة

تحدث السمنة عندما يتناول الجسم سعرات حرارية أكثر مما يحرق. وتتداخل عدة عوامل في ذلك، منها:

1. العوامل الوراثية: بعض الجينات تؤثر على الشهية وتخزين الدهون.
   
2. قلة النشاط البدني: الجلوس الطويل أمام الشاشات يقلل الحرق.
   
3. النظام الغذائي غير الصحي: الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات.
   
4. قلة النوم: تؤثر على الهرمونات المسؤولة عن الجوع.
   
5. التوتر والضغوط النفسية: ترفع هرمون الكورتيزول الذي يزيد الشهية.
   
6. بعض الأدوية: مثل مضادات الاكتئاب والستيرويدات.
   
7. مشكلات صحية كامنة: مثل متلازمة تكيس المبايض أو اضطرابات الغدة الدرقية.
   

مضاعفات السمنة

السمنة ليست مجرد مظهر جسدي، بل مفتاح لأمراض خطيرة، منها:

• أمراض القلب والسكتات الدماغية: بسبب ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول.
  
• داء السكري من النوع الثاني: نتيجة مقاومة الأنسولين.
  
• أنواع من السرطان: مثل سرطان الثدي، والقولون، والكبد.
  
• مشكلات الجهاز الهضمي: كحرقة المعدة وأمراض المرارة والكبد.
  
• انقطاع التنفس أثناء النوم: اضطراب خطير قد يؤدي لمضاعفات قلبية.
  
• هشاشة العظام: نتيجة الضغط الزائد على المفاصل.
  
• مرض الكبد الدهني: بسبب تراكم الدهون في الكبد.
  
• زيادة شدة أعراض كوفيد-19: فالسمنة تُضعف الجهاز المناعي.
  

علاج السمنة

يختلف العلاج حسب الحالة، ويبدأ دائمًا بخطة شخصية تشمل:

1. التغييرات في نمط الحياة

• النظام الغذائي الصحي: تقليل الدهون والسكريات، وزيادة تناول الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة.
  
• النشاط البدني المنتظم: المشي، أو السباحة، أو التمارين الهوائية.
  
• الدعم النفسي: لمعالجة الأسباب العاطفية وراء الإفراط في الأكل.
  

2. الأدوية المساعدة على إنقاص الوزن

بإشراف الطبيب، قد تُستخدم أدوية مثل:

• أورليستات (زينيكال®): يقلل امتصاص الدهون.
  
• ليراجلوتايد (ساكسيندا®) و سيماجلوتايد (ويجوفي®): تقللان الشهية وتبطئان الهضم.
  
• فينترمين-توبيراميت (كسيميا®): يقلل الشهية ويزيد الإحساس بالشبع.
  
• بوبروبيون-نالتريكسون (كونتراف®): يحد من الرغبة في تناول الطعام.
  

 يجب تناول هذه الأدوية فقط تحت إشراف طبي متخصص لتجنب الآثار الجانبية.

3. جراحة إنقاص الوزن

تُستخدم للحالات الشديدة (مؤشر كتلة الجسم 40+)، وتشمل:

• تكميم المعدة.
  
• تحويل مسار المعدة.
  
• ربط المعدة.
  
• تحويل مسار الاثني عشر.
  

تساعد هذه العمليات على تقليل كمية الطعام المتناولة وتحسين الهرمونات المسؤولة عن الشهية.

الوقاية من السمنة

الوقاية أسهل من العلاج، ويمكن تحقيقها من خلال:

• اتباع نظام غذائي متوازن: تقليل الدهون والسكريات وزيادة الألياف.
  
• ممارسة النشاط البدني بانتظام:
  
  • 60 دقيقة يوميًا للأطفال.
    
  • 150 دقيقة أسبوعيًا للبالغين.
    
• النوم الجيد وتقليل التوتر.
  
• الرضاعة الطبيعية للرضع لمدة 6 أشهر تقلل خطر السمنة مستقبلًا

خلاصة المقال

السمنة ليست مشكلة شكلية بل مرض صامت يهدد حياتك، يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكري، والسرطان. لكنّ الخبر الجيد أن السيطرة عليها ممكنة باتباع أسلوب حياة صحي، ونظام غذائي متوازن، وممارسة الرياضة بانتظام.
ابدأ اليوم بخطوة بسيطة نحو نمط حياة أفضل، فكل كيلوغرام تخسره هو استثمار في صحتك وجودة حياتك.

المصادر:

1-https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/11209-weight-control-and-obesity

2-https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/obesity/symptoms-causes/syc-20375742

3-https://www.nhs.uk/conditions/obesity/

4-https://www.who.int/health-topics/obesity#tab=tab_3

5-https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/obesity-and-overweight