في عالم مليء بالضغوط اليومية والتحديات النفسية، يبحث الكثيرون عن طرق فعالة لإدارة مشاعرهم والتعامل مع الأفكار السلبية. لذلك يعد العلاج السلوكي المعرفي CBT واحدًا من أكثر الأساليب شهرة ونجاحًا في مساعدة الأفراد على تجاوز اضطرابات الشخصية المختلفة. فما هو العلاج السلوكي المعرفي وكيف يعمل؟ منذ أن قدمه الطبيب آرون بيك في الستينات أصبح العلاج السلوكي المعرفي أحد أهم الأساليب العلاجية في الطب النفسي وهو أسلوب يعتمد على أن تغيير الأفكار يؤدي إلى تغيير الحالة النفسية فدعونا نعرف ما تقنيات العلاج السلوكي المعرفي، بجانب اختلاف العلاج السلوكي المعرفي (CBT). ونناقش فائدة العلاج السلوكي المعرفي ولماذا يعتبر خيارًا موثوقًا لتحقيق الاستقرار النفسي.
اقرأ أيضًا: الضغط النفسي…علاماته،واعراضه،و6 طرق لعلاجه
ماهو العلاج السلوكي المعرفي؟
العلاج السلوكي المعرفي (CBT) هو نوع من العلاج النفسي يركز على كيفية تأثير أفكار الشخص ومواقفه ومعتقداته على تصرفاته ومشاعره.
وتوضح الجمعية الأمريكية لعلم النفس أن العلاج السلوكي المعرفي (CBT) يعتمد على المبادئ التالية:
- أنماط التفكير والسلوك غير المفيدة يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات نفسية.
- يساعد الأشخاص على تعلم طرق أكثر فائدة للتفكير والتصرف.
- العادات الجديدة يمكن أن تخفف من الأعراض النفسية والجسدية وتساعد الأشخاص على التصرف بشكل أكثر إيجابية.
وتقول النظرية الأساسية إن المشكلة تنشأ من الأحداث والمعاني التي يضيفها الأشخاص عليها، فالأفكار السلبية قد تجعل من الصعب على الشخص أن يتصرف بثقة في مواقف مختلفة.
ويمكن للعلاج السلوكي المعرفي أن يساعد الأفراد في إحداث تغييرات إيجابية في مشاعرهم وتصرفاتهم، كما يمكن أن يزودهم بإستراتيجيات للتكيف حتى تساعدهم في مواجهة التحديات.
ويتكون مسار العلاج السلوكي المعرفي من سلسلة من الجلسات التي يجتمع فيها الأخصائي النفسي مع فرد أو مجموعة بشكل منتظم ويتعاونون معًا للوصول إلى الهدف المحدد، وعادةً تُعقد هذه الجلسات أسبوعيًا أو كل أسبوعين.
قد يهمك أيضًا: فوائد فيتامين د، وأهميته، وأهم الأطعمة الموجود بها
ما هي تقنيات العلاج السلوكي المعرفي؟
تتضمن تقنيات العلاج السلوكي المعرفي استخدام العديد من الأساليب المختلفة، والهدف منها هو استبدال الأفكار السلبية أو المدمرة ذاتيًا بأفكار أكثر تشجيعًا وواقعية.
وإليك بعض التقنيات الأكثر شيوعًا في العلاج السلوكي المعرفي:
- أهداف SMART: يشير هذا المصطلح إلى أهداف محددة، وقابلة للقياس، وقابلة للتحقيق، وواقعية، ومحددة بزمن. وقد يعمل الأخصائي النفسي على وضع هذه الأهداف مع المريض ويساعده على تحقيقها.
- الاكتشاف الموجه والتساؤل: يساعد المعالج النفسي في تحدي الأفكار غير المفيدة والنظر إلى المواقف من زوايا مختلفة. ويقوم بذلك عن طريق طرح أسئلة حول نظرة المريض لنفسه أو للوضع المرهق الذي يؤرقه.
- التدوين: يُطلب من المريض تدوين الأفكار السلبية التي تطرأ عليه خلال الأسبوع، ثم استبدالها بأفكار إيجابية.
- الحديث الذاتي: يؤكد الأخصائي النفسي علي ضرورة التفكير في ما يخبر به المريض نفسه حول موقف معين. ثم يشجعه على استبدال الحديث الذاتي السلبي أو النقدي بحديث ذاتي رحيم وبنّاء.
- إعادة الهيكلة المعرفية: تتضمن هذه التقنية فحص التشوهات الفكرية التي تؤثر على تفكير المريض والبدء في فك تعقيدها. وقد تشمل هذه التشوهات التفكير بالأبيض والأسود، أو القفز إلى الاستنتاجات، أو التهويل.
- تسجيل الأفكار: يخبر المعالج المريض بأن يسجل أفكاره ومشاعره التي تنشأ في موقف معين، ثم يقوم بتحديد الأدلة المؤيدة لاعتقاده السلبي والأدلة المعارضة له، بهدف تطوير فكرة أكثر واقعية.
- الأنشطة الإيجابية: جدولة نشاط ممتع كل يوم يمكن أن تزيد من الإيجابية العامة وتحسن مزاج المريض. وقد تشمل هذه الأنشطة شراء الزهور، أو مشاهدة فيلمه المفضل، أو تناول وجبة غداء في الحديقة.
- التعرض التدريجي: يتضمن هذا تصنيف المواقف أو الأشياء التي تسبب للمريض الضيق وفقًا لمدى شعوره بالتوتر، ثم تعريض نفسه لها تدريجيًا حتى يقل تأثيرها السلبي.
- التغلب الممنهج على الحساسية: هي تقنية مشابهة لتقنية التعرض التدريجي، وتتضمن تعلم طرق الاسترخاء للمساعدة على التعامل مع المشاعر في المواقف الصعبة.
- الواجب المنزلي هو جزء مهم من العلاج السلوكي المعرفي، فكما تساعد الواجبات المدرسية في تطوير المهارات التي يتعلمها الطالب، فإن المهام العلاجية تساعد المريض على تعزيز المهارات التي يتعلمها في الجلسات، مثل استبدال الأفكار النقدية بأفكار رحيمة أو تتبع الأفكار السلبية في دفتر اليوميات الخاص به.
قد يهمك أيضًا: متلازمة ما قبل الحيض(PMS): الأعراض الشائعة وطرق التعامل الفعّالة
علاقة التفكير بالسلوك
استنادًا إلى الروابط بين الأفكار، والمشاعر، والسلوكيات، وكيف يمكن أن تؤثر كل منها على الآخر، يمكن أن تجعل الأفكار أو العادات السلوكية الضارة الأشخاص يشعرون بالسوء تجاه أنفسهم.
تخيل الموقف التالي: ترى شخصًا تعرفه في الشارع وتقول له مرحبًا، لكنه لا يرد عليك. حينها تعتمد ردود أفعالك على كيفية تقييمك للموقف:
رد الفعل | ضار | محايد |
الأفكار | “لقد تجاهلني – لا يحبني بعد الآن.” | “لم يلاحظني – ربما يمر بيوم سيء. يجب أن أتصل به وأرى كيف حاله.” |
المشاعر | يشعر شخص يفكر بهذه الطريقة بالإحباط والحزن والرفض. | هذه الأفكار لا تسبب أي مشاعر سلبية. |
السلوك | نتيجة لهذه الفكرة هي تجنب هذا الشخص في المستقبل، على الرغم من أن الافتراض قد يكون خاطئًا تمامًا. | هذه الفكرة تجعلك تتواصل مجددًا مع الشخص لتكتشف ما إذا كان كل شيء على ما يرام. |
لذلك فإن المبدأ الأساسي وراء العلاج السلوكي المعرفي (CBT) هو أن أنماط التفكير تؤثر على المشاعر، وبالتالي تؤثر على السلوكيات.
قد يهمك أيضًا: اعرف أكثر عن التوحد..أسبابه..علاجه..لوعي وحياة أفضل
ما فائدة العلاج السلوكي المعرفي؟
تكمن فائدة العلاج السلوكي المعرفي في أنه يعد واحدًا من أكثر الأساليب العلاجية التي تمت دراستها بشكل مكثف. ويعتبره العديد من الخبراء العلاج الأفضل للعديد من الحالات النفسية، مثل:
- الاكتئاب.
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
- اضطرابات القلق، بما في ذلك اضطراب الهلع والرهاب.
- اضطراب الوسواس القهري (OCD).
- الاضطراب ثنائي القطب.
- الإدمان.
- اضطراب الشخصية النرجسية.
وليس من الضروري أن تكون مصابًا بحالة نفسية معينة للاستفادة من العلاج السلوكي المعرفي. فإنه يمكن أن يساعد أيضًا في:
- صعوبات العلاقات.
- الانفصال أو الطلاق.
- التشخيص بحالة صحية خطيرة مثل السرطان.
- الحزن أو الفقدان.
- الألم المزمن.
- تدني احترام الذات.
- الأرق.
- التوتر العام في الحياة.
كما يلجأ بعض الأشخاص إلى العلاج السلوكي المعرفي لمساعدتهم في التعامل مع مشكلات صحية مزمنة مثل متلازمة القولون العصبي، أو متلازمة التعب المزمن، أو الفيبروميالغيا.
ويُعد العلاج السلوكي المعرفي تحديًا عاطفيًا لأنه عملية مرهقة بعض الشيء، ولكنه يساعد المرضى في التحسن مع مرور الوقت بشكل كبير جدًا، حيث أنه يقدم نتائج طويلة الأمد في تقليل أعراض الاضطرابات المختلفة، ويختلف سلوك هؤلاء الأشخاص الفردي بعد تلقي العلاج عن ما قبله.
اقرأ أيضًا: الماتشا(Matcha )
اختلاف العلاج السلوكي المعرفي (CBT) عن العلاجات النفسية الأخرى
يظهر اختلاف العلاج السلوكي المعرفي (CBT) في أنه يركز على الحاضر، فهو يهتم بالعمل على معالجة مشكلات حالية، وإيجاد حلول لها. فهذا النوع من العلاج لا يتعامل بشكل رئيسي مع الماضي ولكنه يهتم أكثر بالتعامل مع المشكلات في الحاضر.
ولا يعني ذلك أن العلاج السلوكي المعرفي يتجاهل تمامًا تأثير الأحداث الماضية. ولكنه يتعامل بشكل رئيسي مع تحديد وتغيير الأفكار والسلوكيات المقلقة الحالية.
ويعتبر الهدف الأكثر أهمية بالنسبة للعلاج السلوكي المعرفي هو مساعدة المرضى على الاعتماد على أنفسهم، حتى يكونوا قادرين على التعامل مع حياتهم مرة أخرى دون الحاجة للعلاج في أسرع وقت ممكن.
على عكس العلاج النفسي التحليلي، الذي له جذور في التحليل النفسي الفرويدي الكلاسيكي، فإنه يستخدم نهجًا مختلفًا حيث يحاول المعالج مساعدة المريض على اكتشاف وفهم مشكلاته وأسبابها الأعمق.
اقرأ في: تساقط الشعر
في النهاية، يُعد العلاج السلوكي المعرفي من أكثر الأساليب النفسية فعالية في معالجة مجموعة متنوعة من الاضطرابات النفسية، من خلال التركيز على تعديل الأفكار والسلوكيات السلبية، ومع أنه يتطلب جهدًا مستمرًا من الشخص، إلا أن نتائجه تُعد طويلة الأمد وتمكّن الأشخاص من الاعتماد على أنفسهم بشكل أكبر في بناء حياة أكثر توازنًا وسعادة.
References
- https://www.healthline.com/health/cbt-techniques
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK470241/
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK279297/
- https://www.healthline.com/health/cognitive-behavioral-therapy
- https://www.medicalnewstoday.com/articles/29657
GIPHY App Key not set. Please check settings