تُعتبر الغدة الدرقية من أهم الغدد الصماء في الجسم، حيث تؤثر على معدل الأيض وتنظيم العديد من وظائف الجسم الحيوية. في ظل تزايد معدلات اضطرابات الغدة الدرقية مثل قصورها أو فرط نشاطها، باتت التحاليل أداة أساسية لتشخيص هذه الاضطرابات ومتابعة العلاج. تلعب هذه الغدة دورًا محوريًا في الجسم، إذ تنتج هرمونات مثل الثايروكسين (T4) وثلاثي يود الثيرونين (T3)، التي تؤثر على عمليات الأيض والطاقة والوظائف الحيوية المختلفة. تتطلب تشخيصات اضطرابات هذه الغدة إجراء مجموعة من التحاليل المخبرية الدقيقة.
ما هي الغدة الدرقية؟
الغدة الدرقية هي غدة صغيرة على شكل فراشة تقع في مقدمة العنق، أمام القصبة الهوائية. تلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم عمليات الأيض في الجسم من خلال إنتاج هرمونات مثل: الثيروكسين (T4) وثلاثي يودوثيرونين (T3). هذه الهرمونات تؤثر على وظائف القلب، والجهاز الهضمي، والجهاز العصبي، ودرجة حرارة الجسم. أي خلل في الغدة، مثل قصور الغدة (نقص إفراز الهرمونات) أو فرط نشاط الغدة (زيادة إفراز الهرمونات)، قد يؤدي إلى مشكلات صحية متعددة، مثل تغيرات في الوزن، والتعب، والتعرق الزائد، واضطرابات ضربات القلب.
اقرأ أيضا: الألم الليفي العضلي(Fibromyalgia).
أهمية الغدة الدرقية ودورها في الجسم
الغدة الدرقية مسؤولة عن تنظيم الأيض في الجسم من خلال إفراز هرموني T3 وT4، اللذين يؤثران على:
- معدل حرق الطاقة والتحكم في الوزن.
- نمو وتطور الجسم، خاصة الدماغ عند الأطفال.
- وظائف القلب وتنظيم ضرباته.
- درجة حرارة الجسم والنشاط العصبي.
أي اضطراب فيها يؤثر على الصحة العامة، مما قد يسبب زيادة أو نقصًا في الوزن، أو الإرهاق، أو اضطرابات القلب.
الاضطرابات الشائعة للغدة الدرقية
- قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism): حيث يكون هناك نقص في إنتاج الهرمونات مما يؤدي إلى تباطؤ عمليات الأيض.
- فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism): والذي يتسبب في زيادة معدل الأيض مع أعراض مثل زيادة ضربات القلب وفقدان الوزن.
اقرأ أيضا: دعامة القلب: آلية عملها، وأنواعها، وفوائدها الصحية.
أسباب إجراء تحاليل الغدة الدرقية
يُوصى بإجراء التحاليل في حالات متعددة منها:
- ظهور أعراض غير مفسرة مثل التعب المفرط أو تساقط الشعر.
- وجود تاريخ عائلي من اضطرابات هذه الغدة.
- متابعة تأثير الأدوية والعلاجات الهرمونية.
- فحص النساء الحوامل لتجنب تأثير اضطرابات الغدة على نمو الجنين.
- مراقبة حالة المرضى بعد التدخلات الجراحية أو العلاج الإشعاعي.
اقرأ أيضا: زيادة الوزن .. أسبابه .. ومضاعفاته .. و7 طرق للعلاج.
أبرز تحاليل الغدة الدرقية
يتضمن تشخيص اضطرابات الغدة سبعة تحاليل رئيسية، وهي:
1. تحليل هرمون الغدة الدرقية المحفز (TSH)
أهمية التحليل:
يُعد مؤشرًا أساسيًا لوظيفة الغدة، حيث يتم إفرازه من الغدة النخامية لتنظيم نشاط الغدة الدرقية.
القيم الطبيعية:
تتراوح عادةً بين 0.4 – 4.0 mIU/L.
تفسير النتائج:
- ارتفاع قيمة TSH يشير إلى قصور في الغدة.
- انخفاض القيمة يدل على احتمالية وجود فرط نشاط في الغدة.
2. تحليل هرمون الثايروكسين (T4)
أهمية التحليل:
يقيس مستوى T4 الكلي والحر، وهو الهرمون الرئيسي الذي تنتجه الغدة.
القيم الطبيعية:
T4 الكلي: 5 – 12 µg/dL.
T4 الحر: 0.8 – 2.0 ng/dL.
تفسير النتائج:
انخفاض مستويات T4 يُعتبر مؤشرًا على قصور الغدة، بينما ارتفاعها يشير إلى فرط النشاط.
3. تحليل هرمون ثلاثي يود الثيرونين (T3)
أهمية التحليل:
يقيّم مستوى T3، الهرمون النشط الذي يؤثر مباشرة على استقلاب الجسم.
القيم الطبيعية:
T3 الكلي: 80 – 180 ng/dL.
T3 الحر: 2.3 – 4.2 pg/mL.
تفسير النتائج:
ارتفاع مستويات T3 يُرتبط غالبًا بفرط نشاط الغدة، في حين قد يشير انخفاضها إلى قصورها.
4. تحاليل الأجسام المضادة للغدة الدرقية
أهمية التحليل:
تُستخدم للكشف عن الأمراض المناعية الذاتية التي تؤثر على الغدة.
أنواع الأجسام المضادة:
TPOAb: ترتبط عادةً بمرض هاشيموتو.
TRAb: تُستخدم لتشخيص مرض جريفز.
دور التحليل:
يساعد في تحديد سبب اضطرابات الغدة وتوجيه العلاج المناسب.
5. تحليل امتصاص اليود المشع (RAIU)
أهمية التحليل:
يقيس قدرة الغدة على امتصاص اليود اللازم لإنتاج الهرمونات.
الاستخدام السريري:
يُستخدم بشكل أساسي في تقييم حالات فرط النشاط الدرقي وتحديد نشاط الغدة.
6. تحليل الثايروجلوبولين (Thyroglobulin)
أهمية التحليل:
يعتبر مؤشرًا هامًا لمراقبة حالة المرضى الذين يعانون من سرطان الغدة الدرقية بعد العلاج.
تفسير النتائج:
ارتفاع مستويات الثايروجلوبولين قد يشير إلى وجود خلايا سرطانية متبقية.
7. تحليل الكالسيتونين (Calcitonin)
أهمية التحليل:
يُستخدم في تشخيص السرطان الغدي الدرقي النخاعي، حيث يفرز هذا الهرمون من خلايا معينة في الغدة.
دوره في التشخيص:
يعتبر ارتفاع مستوى الكالسيتونين دليلاً على احتمالية وجود سرطان الدرقي النخاعي.
اقرأ أيضا: خمول الغدة الدرقية و7 أطعمة ينصح المرضى بتناولها.
كيفية الاستعداد لإجراء تحاليل الغدة الدرقية
يجب الاستعداد لإجراء تحاليل الغدة لضمان دقة النتائج، وتفادي أي تأثيرات خارجية، ويُنصح باتباع الإرشادات التالية:
- عدم تناول الأدوية الهرمونية: يجب استشارة الطبيب بشأن توقيف بعض الأدوية قبل الفحص.
- تجنب المكملات المحتوية على اليود: يجب الامتناع عن تناول المكملات الغذائية التي تحتوي على اليود قبل أيام من التحليل.
- إجراء الفحص في الصباح: يُفضل إجراء التحاليل في الصباح الباكر وعلى معدة فارغة لضمان الحصول على نتائج دقيقة.
- إبلاغ الطبيب بجميع الأدوية: يُستحسن إبلاغ الطبيب عن جميع الأدوية والمكملات التي يتناولها المريض لتجنب التداخلات.
تفسير نتائج تحاليل الغدة الدرقية
لتفسير نتائج تحاليل الغدة، يجب الربط بين التحاليل المختلفة. لا يعتمد التشخيص على نتيجة تحليل واحد فقط، بل يتم النظر إلى مجموعة من النتائج معًا:
- ارتفاع TSH مع انخفاض T4/T3: يشير عادةً إلى قصور الغدة.
- انخفاض TSH مع ارتفاع T4/T3: يُرتبط بفرط نشاط الغدة.
- نتائج متباينة أو ضمن الحدود الطبيعية: قد تتطلب إعادة الفحص أو إجراء تحاليل إضافية لتأكيد التشخيص.
اقرأ أيضا: مرض السكري: 5 تطورات حديثة في العلاج من الأدوية إلى زراعة البنكرياس.
دور التحاليل في توجيه علاج الغدة الدرقية
تلعب تحاليل الغدة دورًا محوريًا في تحديد نوع العلاج المناسب:
- علاج قصور الغدة: يعتمد عادة على العلاج بالهرمونات البديلة.
- علاج فرط نشاط الغدة: قد يشمل الأدوية المثبطة لإنتاج الهرمونات أو التدخلات الجراحية.
- الإجراءات الإشعاعية: تُستخدم في بعض حالات فرط النشاط لتقليل حجم الغدة وتحسين الأعراض.
علاج اضطرابات الغدة الدرقية بالأدوية
تستخدم عدة أدوية لعلاج اضطرابات الغدة، وتعتمد خيارات العلاج على نوع الاضطراب، سواء كان قصور الغدة أو فرط نشاطها. إليك أبرز الأدوية المستخدمة:
أولًا: أدوية علاج قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism)
يحدث قصور الغدة عندما لا تنتج الغدة ما يكفي من الهرمونات، ويُعالَج عادةً بأدوية تعويضية، منها:
1. ليفوثيروكسين (Levothyroxine) – الاسم التجاري الشائع: إلتروكسين (Eltroxin)، ثيروكسين (Thyroxine)، سينثرويد (Synthroid). يعتبر العلاج الأساسي لتعويض هرمون T4، ويتم تناوله يوميًا على معدة فارغة.
2. ليوثيرونين (Liothyronine) – الاسم التجاري: سايتوميل (Cytomel). يعوض هرمون T3، لكنه يُستخدم في بعض الحالات فقط، لأنه يعمل أسرع من الليفوثيروكسين.
3. مزيج من T3 وT4 – أحيانًا يوصَف مزيج من الليفوثيروكسين والليوثيرونين لبعض المرضى الذين لا يستجيبون للعلاج التقليدي.
ثانيًا: أدوية علاج فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism)
عندما تكون الغدة مفرطة النشاط وتنتج كميات زائدة من الهرمونات، تُستخدم الأدوية المثبطة، ومنها:
1. ميثيمازول (Methimazole) – الاسم التجاري: تابازول (Tapazole). يثبط إنتاج هرمونات الغدة الدرقية، وهو الأكثر استخدامًا.
2. بروبيل ثيويوراسيل (Propylthiouracil – PTU): يستخدم في بعض الحالات، خاصة أثناء الحمل، لكنه أقل شيوعًا بسبب آثاره الجانبية المحتملة على الكبد.
3. محصرات بيتا (Beta Blockers) – مثل بروبرانولول (Propranolol): لا تعالج السبب الرئيسي، لكنها تخفف أعراضاً مثل تسارع ضربات القلب والرجفة.
4. اليود المشع (Radioactive Iodine – RAI): يُستخدم في بعض الحالات لتدمير جزء من الغدة الدرقية وتقليل نشاطها بشكل دائم.
ثالثًا: العلاج الهرموني بعد استئصال الغدة الدرقية
في حال استئصال الغدة الدرقية جراحيًا أو تدميرها باليود المشع، يحتاج المريض إلى تعويض دائم لهرمونات الغدة باستخدام ليفوثيروكسين مدى الحياة.
اقرأ أيضا: التمر و 12 فائدة مذهلة على الصحة.
المصادر
1.https://www.healthdirect.gov.au/thyroid-gland.
2.https://medlineplus.gov/thyroiddiseases.html.
3.https://www.thyroid.org/thyroid-function-tests/.
5.https://www.healthline.com/health/thyroid-function-tests.
GIPHY App Key not set. Please check settings