يُعد فقدان الدافعية أحد أبرز التحديات التي تواجه الأطفال والمراهقين، حيث يؤثر بشكل كبير على تقدمهم الأكاديمي، الاجتماعي، والنفسي. مع التغيرات السريعة في أنماط الحياة وظهور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، ازدادت عوامل التشتت التي تؤثر سلبًا على حماس الأطفال والمراهقين لتحقيق أهدافهم. في هذا المقال، نستعرض أسباب فقدان الدافعية، تأثيراته، ونقدم حلولًا شاملة لإعادة بناء الحافز لديهم.
ما هو فقدان الدافعية؟
فقدان الدافعية هو غياب الحافز أو الرغبة للقيام بالأنشطة اليومية أو تحقيق الأهداف. قد يظهر ذلك على شكل تراجع في الأداء المدرسي، أوعزوف عن الأنشطة الاجتماعية، أو حتى إحساس باللامبالاة تجاه الأمور التي كانت تُثير اهتمام الطفل أو المراهق سابقًا. على سبيل المثال، قد يرفض مراهق متابعة دروسه المدرسية، مفضلًا قضاء ساعات طويلة على الألعاب الإلكترونية أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، عدم اكتراثه بالمشاركة في الأنشطة الرياضية أو الاجتماعية التي كان يحبها سابقًا، قد يرفض طفلٌ أداء واجباته المدرسية بحجة أنها “غير ممتعة”.
اقرأ أيضا: اضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة (ADHD) وطرق علاجه
أسباب فقدان الدافعية عند الأطفال والمراهقين
1. العوامل النفسية
• الخوف من الفشل:
الخوف من الإخفاق يدفع بعض الأطفال إلى تجنب المحاولة تمامًا، خاصة إذا كانوا يتعرضون للانتقاد المتكرر. على سبيل المثال، إذا أخفق طفل في امتحان رياضيات، فقد يتجنب حل المسائل تمامًا خوفًا من تكرار الإخفاق.
• الاكتئاب والقلق:
المشكلات النفسية مثل الاكتئاب والقلق تؤدي إلى شعور الطفل بالإرهاق والضغط النفسي وعدم القدرة على التركيز، مما يعيق تقدمه الأكاديمي والاجتماعي.
• تدني الثقة بالنفس:
عندما يشعر الطفل بعدم الكفاءة مقارنةً بزملائه، يتراجع حماسه نحو الأنشطة أو التحديات الجديدة.
2. العوامل الاجتماعية
• التنمر والعزلة:
تعرض الطفل للتنمر أو شعوره بالعزلة داخل بيئة مدرسية أو اجتماعية يمكن أن يضعف ثقته بنفسه ويثنيه عن المشاركة في الأنشطة.
• التأثير السلبي للأصدقاء:
الأصدقاء الذين يُظهرون لامبالاة تجاه الدراسة أو النشاطات البناءة قد يشجعون الطفل على تبني نفس السلوكيات.
3. تأثير التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي
• الإدمان على الشاشات:
قضاء ساعات طويلة على الأجهزة الإلكترونية، سواء في الألعاب أو وسائل التواصل الاجتماعي، يُضعف اهتمام الطفل بالنشاطات الأخرى. على سبيل المثال، قد يفضل مراهق قضاء وقته في تصفح تطبيقات مثل “تيك توك” بدلاً من التركيز على واجباته المدرسية.
• المقارنات السلبية:
من خلال وسائل التواصل، يتعرض الأطفال والمراهقون لصورة غير واقعية عن النجاح أو الجمال، مما يؤدي إلى شعورهم بالإحباط وعدم الرضا عن حياتهم الشخصية.
• التشتت:
تُقلل التنبيهات والإشعارات المستمرة من قدرة الأطفال على التركيز على أهدافهم، مما يجعلهم أقل إنتاجية وأكثر ميلًا للتسويف.
4. العوامل التربوية
• ضغط الدراسة:
الأنظمة التعليمية التي تركز على النتائج أكثر من العملية التعليمية نفسها تُشعر الطفل بالإرهاق والضغط النفسي والإحباط والتوتر والقلق .
• طرق التعليم التقليدية:
الاعتماد على الأساليب المملة في التدريس يقلل من حماس الأطفال تجاه التعلم.
5. العوامل الصحية
• نقص النوم وسوء التغذية:
عدم النوم الكافي أو نقص العناصر الغذائية الأساسية يؤثر على طاقة الطفل ومستوى تركيزه.
أعراض فقدان الدافعية عند الأطفال والمراهقين
• التراجع الأكاديمي والدراسي بشكل ملحوظ.
• رفض القيام بالواجبات المدرسية أو المهام المنزلية.
• الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية أو الرياضية.
• قضاء وقت مفرط أمام الشاشات.
• اللامبالاة تجاه الأمور التي كانت تثير شغفهم.
كيفية التعامل مع فقدان الدافعية
1. التواصل الفعّال مع الطفل
• استمع للطفل دون مقاطعة لفهم مشكلاته.
• اسأل أسئلة مفتوحة مثل: “ما الذي يجعلك تشعر بالإحباط في المدرسة؟”.
2. تقنين استخدام التكنولوجيا
• ضع حدودًا زمنية لاستخدام الأجهزة الإلكترونية.
• شجع الطفل على الأنشطة البديلة مثل القراءة أو اللعب في الخارج وممارسة الرياضة والحفاظ على نمط الحياة المتوازن .
• قم باستخدام تطبيقات التنبيه عند قضاء وقت محدد على الهواتف والأجهزة الإلكترونية لضمان التوازن بين الوقت المخصص للشاشات والأنشطة الأخرى.
3. خلق بيئة محفزة
• وفر مكانًا مريحًا للدراسة بعيدًا عن المشتتات.
• علق عبارات تشجيعية على جدران غرفته، مثل: “أنت قادر على تحقيق أهدافك”.
4. تعزيز الثقة بالنفس
• امدح جهود الطفل بدلًا من التركيز فقط على النتائج.
• كافئ الطفل عند تحقيق إنجازات صغيرة لتحفيزه على مواصلة المحاولة.
5. تقديم الدعم النفسي
• إذا لاحظت علامات الاكتئاب أو القلق، استشر مختصًا نفسيًا لمساعدته.
• شجع الطفل على التعبير عن مشاعره دون خوف.
6. تنويع أساليب التعليم
• استخدم أدوات تعليمية تفاعلية مثل التطبيقات التعليمية والألعاب الممتعة.
• اربط الموضوعات الدراسية باهتمامات الطفل الشخصية.
أمثلة واقعية لحلول ناجحة
• مثال 1: مراهق كان يعاني من فقدان الدافعية بسبب إدمانه على الألعاب الإلكترونية. بعد تقنين وقته على الأجهزة وتشجيعه على ممارسة الرياضة، استعاد نشاطه وبدأ يظهر اهتمامًا أكبر بدروسه.
• مثال 2: طفلة كانت تشعر بالإحباط بسبب مقارنتها المستمرة بزميلاتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعد توعية الأسرة بأهمية تعزيز ثقتها بنفسها وتقليل وقتها على هذه المنصات، أصبحت أكثر انفتاحًا وسعادة.
دور المؤسسات التعليمية والمجتمع
لا يقتصر الحل على الأسرة فقط؛ بل تلعب المدارس والمجتمع دورًا محوريًا في دعم الأطفال والمراهقين:
• تنظيم ورش عمل حول الاستخدام الصحي للتكنولوجيا.
• تعزيز الأنشطة المدرسية التي تُشجع على التفاعل الاجتماعي.
• تقديم برامج إرشادية للطلاب حول كيفية إدارة التوتر والتحفيز الذاتي وعلم النفس الإيجابي وممارسة اليقظة.
اقرأ أيضا: التفكير الزائد (overthinking)، أسبابه، و7 طرق للتخلص منه
الخلاصة
فقدان الدافعية عند الأطفال والمراهقين مشكلة متعددة الأبعاد تحتاج إلى تفهم العوامل المؤثرة، بما في ذلك التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. من خلال بناء توازن صحي بين الأنشطة المختلفة، وتعزيز بيئة داعمة في المنزل والمدرسة، يمكن مساعدة الأطفال على استعادة شغفهم وتحقيق إمكاناتهم. التغيير يحتاج إلى صبر ودعم مستمر، لكن النتائج تستحق الجهد.
اقرأ أيضا: اضطراب الشخصية الاعتمادية: 7 أعراض وطرق العلاج
المصادر:
https://www.educationnext.in/posts/why-teenagers-lack-motivation-and-how-to-help-them
https://www.additudemag.com/lack-of-motivation-teenager-tips-adhd/amp
https://understandingteenagers.com.au/parenting-unmotivated-teenager
د شرين سعيد
GIPHY App Key not set. Please check settings