
يُعدّ مرض السكر من أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا في العالم، وهو حالة تؤثر على كيفية تحويل الجسم للطعام إلى طاقة. فعندما نتناول الطعام، يتحوّل معظمه إلى سُّكر (جلوكوز) يُطلق في الدم. وعند ارتفاع مستوى السُّكر في الدم، يُفترض أن يُفرز البنكرياس هرمون الإنسولين ليساعد الخلايا على امتصاص السُكر واستخدامه كمصدر للطاقة.
لكن في حالة الإصابة بمرض السكر، لا يُنتج الجسم كمية كافية من الإنسولين، أو لا يستخدمه بشكل فعّال، مما يؤدي إلى تراكم السُّكر في الدم. هذا الاضطراب قد يكون خفيًّا في بدايته، لكنه مع الوقت يُسبب مضاعفات خطيرة مثل أمراض القلب، وتلف الأعصاب، ومشاكل في الكلى والعينين.
أعراض مرض السكر في بدايته
في المراحل الأولى من الإصابة بمرض السكر، قد تكون الأعراض خفيفة أو غير ملحوظة، مما يجعل التشخيص المبكر أمرًا بالغ الأهمية. ومن أبرز العلامات التي ينبغي الانتباه لها:
– كثرة التبول، خاصةً أثناء الليل.
– العطش الشديد والمستمر.
– الجوع المفرط رغم تناول الطعام.
– الإرهاق غير المبرر.
– تشوّش الرؤية أو ضبابيتها.
– بطء التئام الجروح والكدمات.
– فقدان الوزن غير المفسّر (خصوصًا في النوع الأول).
– وخز أو تنميل في اليدين والقدمين (غالبًا في النوع الثاني).
تُعدّ هذه الأعراض بمثابة إنذار مبكر، وقد تظهر تدريجيًا أو بشكل مفاجئ حسب نوع مرض السكر. لذا، يُنصح بإجراء فحص لمستوى السُّكر في الدم عند ظهور أي من هذه العلامات، لتجنّب المضاعفات المحتملة.
هل مقاومة الإنسولين تعني الإصابة بمرض السكر؟
مقاومة الإنسولين لا تعني بالضرورة الإصابة الفعلية بمرض السكر، لكنها تُعدّ مرحلة تمهيدية قد تؤدي إليه إذا لم تُعالج في الوقت المناسب.
في الحالة الطبيعية، يُفرز الجسم هرمون الإنسولين ليساعد الخلايا على امتصاص السُّكر من الدم واستخدامه كمصدر للطاقة. لكن عند حدوث مقاومة الإنسولين، تصبح الخلايا أقل استجابة لهذا الهرمون، مما يدفع البنكرياس لإنتاج كميات أكبر منه للحفاظ على مستوى السُّكر في الدم ضمن المعدلات الطبيعية.
ومع مرور الوقت، قد يُرهق البنكرياس ويعجز عن إنتاج الكمية الكافية من الإنسولين، مما يؤدي إلى ارتفاع السُّكر في الدم، وتطوّر الحالة إلى ما يُعرف بمقدمات مرض السكر، ثم لاحقًا إلى مرض السكر من النوع الثاني.
إذًا، مقاومة الإنسولين ليست مرض السكر بذاته، لكنها علامة تحذيرية تستوجب الانتباه، خاصةً لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة أو قلة النشاط البدني أو لديهم تاريخ عائلي مع المرض.
أسباب مرض السكر وأنواعه
يُعدّ مرض السكر من الأمراض المزمنة التي تحدث نتيجة اضطراب في تنظيم مستوى السُّكر (الجلوكوز) في الدم. ويُعزى هذا الاضطراب إلى خلل في إنتاج هرمون الإنسولين أو في استجابة الجسم له. والإنسولين هو المفتاح الذي يسمح للجلوكوز بالدخول إلى الخلايا واستخدامه كمصدر للطاقة.
الأسباب الشائعة للإصابة:
– الوراثة: وجود تاريخ عائلي يزيد من احتمالية الإصابة.
– السمنة: تؤثر على قدرة الجسم في استخدام الإنسولين بشكل فعّال.
– قلة النشاط البدني: تقلل من حساسية الخلايا للإنسولين.
– النظام الغذائي غير الصحي: الإكثار من السكريات والدهون يزيد من خطر الإصابة.
– الاضطرابات المناعية: في النوع الأول، يهاجم الجهاز المناعي خلايا البنكرياس المنتجة للإنسولين.
أنواع مرض السكر:
1. النوع الأول
مرض مناعي ذاتي، يُدمّر فيه الجسم خلايا البنكرياس. غالبًا ما يُشخّص في الأطفال والشباب، ويحتاج المصاب إلى الإنسولين يوميًا.
2. النوع الثاني
الأكثر شيوعًا، ويحدث عندما لا يستخدم الجسم الإنسولين بكفاءة. يرتبط غالبًا بالسمنة ونمط الحياة غير الصحي، ويمكن الوقاية منه أو تأجيله.
3. سكر الحمل
يظهر أثناء الحمل ويختفي غالبًا بعد الولادة، لكنه يزيد من خطر الإصابة بالنوع الثاني لاحقًا.
4. مقدمات مرض السكر (Prediabetes)
مرحلة انتقالية تكون فيها مستويات السُّكر أعلى من الطبيعي ولكنها لا تصل إلى حد التشخيص بمرض السكر.
مضاعفات مرض السكر

يُعدّ مرض السكر من الأمراض المزمنة التي تؤثر في أجهزة متعددة داخل الجسم، وإذا لم يُضبط مستوى السُّكر في الدم بشكل منتظم، فقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تؤثر في جودة الحياة.
ومن أبرز هذه المضاعفات:
– أمراض القلب والأوعية الدموية: مثل ارتفاع ضغط الدم، وتصلّب الشرايين، وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
– تلف الأعصاب (الاعتلال العصبي السكري): يُسبب شعورًا بالوخز أو التنميل، خاصةً في الأطراف، وقد يؤدي إلى فقدان الإحساس أو ضعف الحركة.
– مشاكل الكلى (الاعتلال الكلوي): قد تتطوّر إلى فشل كلوي إذا لم تُكتشف مبكرًا.
– مشاكل في العين: مثل اعتلال الشبكية السكري، والزرق (المياه الزرقاء)، وإعتام عدسة العين، وقد تصل إلى فقدان البصر.
– مشاكل في القدمين: بسبب ضعف الدورة الدموية وتلف الأعصاب، مما يزيد من خطر التقرّحات والعدوى، وقد يصل الأمر إلى البتر في الحالات المتقدمة.
– مشاكل جلدية: مثل الالتهابات الفطرية والبكتيرية، وجفاف الجلد.
– ضعف المناعة: مما يجعل الجسم أكثر عرضة للعدوى.
– مشاكل في الهضم والمثانة: نتيجة لتأثير السكر على الأعصاب التي تتحكم بهذه الوظائف.
اقرأ أيضاً: التهاب الأعصاب (الاعتلال العصبي) وأهم 5 طرق للوقاية
الوقاية من هذه المضاعفات تبدأ بالتحكم في مستوى السكر، واتباع نمط حياة صحي، وإجراء الفحوصات الدورية.
الوقاية من مرض السكر
الوقاية من مرض السكر، خصوصًا من النوع الثاني، تبدأ بخطوات بسيطة لكنها فعّالة. فبحسب الدراسات الحديثة، يمكن تجنّب أكثر من 90٪ من حالات السُّكر من النوع الثاني عبر تعديل نمط الحياة اليومي.
ومن أبرز وسائل الوقاية:
– الحفاظ على وزن صحي: يُعدّ الوزن الزائد من أهم عوامل الخطر، إذ يزيد من مقاومة الجسم للإنسولين. فقدان 7–10٪ من الوزن الحالي يُقلّل خطر الإصابة إلى النصف.
– ممارسة النشاط البدني بانتظام: المشي السريع لمدة 30 دقيقة يوميًا يُحسّن من قدرة العضلات على استخدام الإنسولين ويُخفّف الضغط على البنكرياس.
– اتباع نظام غذائي متوازن: تقليل السكريات والدهون المشبعة، وزيادة تناول الألياف والخضروات، يُساعد في ضبط مستوى السكر في الدم.
– الإقلاع عن التدخين: التدخين يُضعف الدورة الدموية ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب المرتبطة بمرض السكر.
– مراقبة ضغط الدم والكوليسترول: ارتفاعهما يُضاعف خطر المضاعفات، لذا يُنصح بالفحص الدوري.
– الفحص المبكر لمستوى السُّكر: خاصةً لمن لديهم تاريخ عائلي أو يعانون من السمنة أو قلة الحركة.
الوقاية ليست مجرد إجراء مؤقت، بل هي أسلوب حياة يُحافظ على الصحة ويُقلّل من خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة.
اقرأ أيضاً: نمط الحياة المتوازن: حقائق علمية حول النظام الغذائي والرياضة نحو صحة أفضل
هل تساعد الأعشاب في ضبط مرض السكر؟
تلعب بعض الأعشاب دورًا مساعدًا في ضبط مستوى السكر في الدم، خاصةً لدى الأشخاص المصابين بمقدمات السُّكر أو النوع الثاني. ومع ذلك، لا تُعدّ الأعشاب بديلاً عن العلاج الطبي، بل تُستخدم كوسيلة داعمة ضمن خطة صحية متكاملة.
من أبرز الأعشاب التي أظهرت نتائج واعدة:
– القرفة: تُساعد في تحسين حساسية الجسم للإنسولين وتقليل امتصاص الجلوكوز من الجهاز الهضمي.
– الزنجبيل: يُساهم في خفض مستوى السُّكر الصائم وتحسين وظائف البنكرياس.
– الحلبة: تحتوي على مركبات تُحفّز إفراز الإنسولين وتُبطئ امتصاص الكربوهيدرات.
– الجيمنيما (Gymnema sylvestre): تُقلّل من الرغبة في تناول السكريات وتُحسّن التحكم في مستوى الجلوكوز.
– الكروميوم: معدن يُستخدم كمكمّل غذائي لتحسين استجابة الجسم للإنسولين.
ورغم الفوائد المحتملة، يجب الحذر من التفاعلات الدوائية أو انخفاض السُّكر الحاد، خاصةً عند استخدام الأعشاب مع أدوية السُّكر. لذا يُنصح دائمًا باستشارة الطبيب قبل تناول أي مكمل عشبي.
References
- https://www.cdc.gov/diabetes/about/index.html
- https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/7104-diabetes
- https://www.niddk.nih.gov/health-information/diabetes/overview/what-is-diabetes
- https://diabetes.org/about-diabetes/warning-signs-symptoms
- https://www.cdc.gov/diabetes/about/insulin-resistance-type-2-diabetes.html
- https://nutritionsource.hsph.harvard.edu/disease-prevention/diabetes-prevention/preventing-diabetes-full-story/
- https://botanicalinstitute.org/herbs-for-blood-sugar/
GIPHY App Key not set. Please check settings