
مقدمة
يُعد النوم من أهم العمليات الحيوية التي يحتاجها الجسم للحفاظ على توازنه ووظائفه الطبيعية، فهو مرحلة أساسية لإعادة ترميم الخلايا، وتنظيم الهرمونات، وتجديد الطاقة.
لكن في عالمنا الحديث المليء بالضغوط والإيقاع السريع، أصبحت قلة النوم ظاهرة شائعة تؤثر سلباً على المناعة وصحة الجسم بأكمله وتزيد من احتمالية الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري، وارتفاع الضغط، وأمراض القلب.
ما هي قلة النوم؟
هي حالة لا ينال فيها الشخص عدد ساعات النوم الكافية لاحتياج الجسم والعقل.
وقد تكون قلة النوم مؤقتة لبضعة أيام، أو مزمنة تستمر لأسابيع أو أشهر.
تحدث قلة النوم لأسباب متعددة وقد يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل: السكري، وارتفاع الضغط، وأمراض القلب.
تختلف حاجة الجسم إلى النوم حسب العمر وطبيعة النشاط البدني والعقلي:
- حديثو الولادة (0-3 شهور): 14-17 ساعة.
- الرضع (4-12 شهر): 12-16 ساعة.
- الأطفال الصغار (1-5 سنوات): 10-14 ساعة.
- الأطفال في سن المدرسة (6-12 سنة): 9-12 ساعة.
- المراهقون (13-18 سنة): 8-10 ساعات.
- أكبر من 18 سنة: 7-9 ساعات.
يمكن أن تكون قلة النوم نقص في عدد ساعات النوم التي يحتاجها الجسم أو نقص في كفاءة النوم.
الفرق بين قلة النوم والأرق وتأثير كلٍ منهما:
يختلف قلة النوم عن الأرق من حيث السبب والتأثير:
قلة النوم: هي عدم نيل الجسم عدد ساعات كافية من النوم بسبب ظروف خارجية مثل السهر أو العمل أو استخدام الأجهزة الإلكترونية لوقت متأخر، وغالبا يمكن تعويضها بالنوم في وقت لاحق.
الأرق: هو اضطراب في النوم يجعل الشخص غير قادر على النوم أو الاستمرار فيه رغم توافر الوقت والرغبة ويكون غالبا نتيجة لعوامل نفسية مثل القلق، والتوتر، أو مشاكل طبية معينة.
في كلتا الحالتين يؤدي نقص النوم إلى ضعف جهاز المناعة وزيادة خطر الإصابة بالأمراض، لذلك من الضروري الاهتمام بعادات النوم وعلاج أي اضطرابات مبكراً.
اسباب قلة النوم
تحدث قلة النوم بسبب مجموعة من العوامل، منها ما يرتبط بنمط الحياة، ومنها ما يكون نتيجة اضطرابات أو أمراض تؤثر على جودة النوم، وتشمل:
- سلوكيات خاطئة: السهر أو تقليل ساعات النوم بسبب المذاكرة أو العمل لساعات متأخرة.
استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم مما يؤثر على إفراز هرمون الميلاتونين ويؤخر الشعور بالنعاس.
- بيئة النوم: النوم في مكان غير مريح أو درجة حرارة غير مناسبة أو وجود ضوضاء، حيث يقلل ذلك من جودة النوم.
- طبيعة العمل: العمل بنظام الورديات يؤدي إلى اضطراب الساعة البيولوجية مما يسبب صعوبة في النوم في أوقات غير طبيعية.
- اضطرابات النوم:
انقطاع النفس أثناء النوم: توقف التنفس أو ضيقه أثناء النوم يسبب استيقاظاً متكرراً.
الأرق: صعوبة البدء في النوم أو الاستمرار فيه.
متلازمة تململ الساق: وهي رغبة لا إرادية في تحريك الساقين أثناء النوم (تزداد غالباً في المساء وقبل النوم وتتحسن بالحركة).
صرير الأسنان: حك الأسنان أثناء النوم مما يسبب توتراً عضلياً.
- أسباب طبية أخرى:
الألم المزمن: والذي يمنع الشخص من النوم بعمق.
كثرة التبول الليلي: الاستيقاظ المتكرر للتبول.
مرض السكري: اضطراب مستوى السكر قد يسبب الأرق أو الاستيقاظ المفاجئ.
تعاطي الكحول أو بعض الأدوية، إذ يؤثر ذلك على جودة النوم.
اعراض قلة النوم: أبرز العلامات التي تدل على نقص النوم
- الإرهاق المستمر وصعوبة التركيز.
- ضعف المناعة وكثرة الإصابة بنزلات البرد.
- عدم الاتزان والتوتر المستمر.
- اضطراب الشهية وزيادة الوزن.
- الدوخة والصداع المتكرر.
- ضعف الأداء في العمل أو الدراسة: نتيجة لنقص التركيز والطاقة.
- تقلب المزاج والعصبية الزائدة.
اضرار قلة النوم
قلة النوم لا تؤثر فقط على النشاط اليومي، لكنها تسبب تغيرات داخلية في أجهزة الجسم المختلفة إذا استمرت فترة طويلة ومن أبرز هذه التغيرات:
- الجهاز العصبي:
صعوبة في التركيز، والعصبية الزائدة، والشعور بالاكتئاب، والقلق، وتقلب المزاج.
قد تظهر حالات تسمى النوم الجزئي (microsleep) وهي لحظات قصيرة يغفو فيها الشخص لبضع ثواني دون أن يشعر وغالبا ماتحدث أثناء القيادة أو العمل مما يجعلها خطيرة جداً.
- الجهاز الهضمي: تؤثر قلة النوم على الهرمونات المسؤولة عن الجوع
والشبع وهما (اللبتين والجريلين).
حيث يزيد إفراز هرمون الجوع (الجريلين) ويقل إفراز هرمون الشبع (اللبتين) مما يؤدي إلى: زيادة الشهية للأكل، وتراكم الدهون في الجسم، وارتفاع خطر الإصابة بالسمنة.
- الجهاز المناعي: النوم هو وقت إعادة شحن جهاز المناعة حيث يفرز الجسم
بروتينات تسمى سيتوكينات والتي تساعد في مكافحة العدوى والالتهابات.
قلة النوم تقلل إنتاج هذه البروتينات وبالتالي تضعف مناعة الجسم مما يؤدي إلى زيادة فرص الإصابة بالأمراض وبطء التئام الجروح.
- الجهاز التنفسي: تؤدي قلة النوم إلى ضعف المناعة مما يؤدي إلى زيادة
فرص الإصابة بنزلات البرد والتهابات الجهاز التنفسي.
تزداد قلة النوم سوءًا عند الأشخاص الذين يعانون من انقطاع التنفس أثناء النوم مما يؤدي إلى إجهاد عضلة التنفس وزيادة احتمال العدوى التنفسية المتكررة.
النوم الجيد يساعد على تنظيم التنفس وتوفير كمية كافية من الأكسجين لخلايا الجسم.
- الجهاز القلبي الوعائي (القلب والأوعية الدموية): يساعد النوم المنتظم على
تنظيم ضغط الدم، ونبض القلب، ويمنح الأوعية الدموية فرصة للراحة، لكن قلة النوم تؤدي إلى إفراز زائد لهرمونات التوتر مثل الكورتيزول، مما يرفع ضغط الدم ويزيد من معدل ضربات القلب، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وزيادة خطر الجلطات، وأمراض القلب، وتصلب الشرايين.
لذلك يعتبر النوم الكافي أحد عوامل حماية القلب من الإجهاد المزمن.
- الجهاز الهرموني والغدد: تفرز الغدد هرمونات مهمة جداً أثناء النوم مثل
هرمون النمو، والكورتيزول، والإنسولين.
تؤدي قلة النوم إلى خلل في إفراز هذه الهرمونات مما يؤدي إلى:
انخفاض إفراز هرمون النمو مما يتسبب في بطء تجديد الخلايا وضعف التئام الجروح.
زيادة هرمون الكورتيزول مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم والتوتر المستمر
اضطراب الإنسولين والذي قد يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بمرض السكري.
تأثير على الهرمونات الجنسية مما يؤدي إلى ضعف الخصوبة عند النساء والرجال.
يساعد النوم الكافي على توازن الهرمونات وصحة الجسم بالكامل.
علاج قلة النوم ويشمل:
العلاج السلوكي: يُعد الأساس في علاج قلة النوم ويشمل:
- تثبيت مواعيد النوم والاستيقاظ يومياً حتى في العطلات.
- تجنب الشاشات قبل النوم بساعة على الأقل.
- ممارسة تمارين الاسترخاء والتنفس العميق قبل النوم.
- جعل غرفة النوم هادئة ومريحة ومظلمة.
- استخدام السرير للنوم فقط وليس للعمل أو الهاتف.
العلاج السلوكي يساعد المخ على استعادة إيقاع النوم الطبيعي بدون أدوية.
العلاج الدوائي: في بعض الحالات قد يصف الطبيب أدوية لفترة محدودة مثل:
المهدئات أو المنومات الخفيفة (بجرعات قصيرة المدى)
أدوية لعلاج القلق والاكتئاب أحياناً إذا كانت السبب في الأرق.
يجب استخدام هذه الأدوية تحت إشراف طبي فقط، لأنها قد تسبب الاعتماد أو أعراضاً جانبية.
دعم التنفس أثناء النوم
في الحالات التي تكون فيها قلة النوم ناتجة عن انقطاع التنفس أثناء النوم يُستخدم
جهاز ضغط الهواء المستمر وهو جهاز يساعد على إبقاء الممرات الهوائية مفتوحة أثناء النوم.
يُساعد استخدام الجهاز المنتظم على تحسين جودة النوم وتقليل الشعور بالإجهاد الصباحي.
فقدان الوزن وعلاج احتقان الأنف يساعدان أيضاً في تحسين التنفس الليلي.
تذكر أن تحسين جودة النوم لا يحتاج دوماً إلى دواء، بل إلى وعي بالعادات الصحية اليومية.
الخلاصة:
النوم ليس رفاهية يمكن الاستغناء عنها، بل هو عملية حيوية لإصلاح وتجديد خلايا الجسم.
فخلال النوم، يعمل المخ على تنظيم الذاكرة والمشاعر، ويُصلح القلب والأوعية الدموية، ويعيد توازن الهرمونات والمناعة.
قلة النوم تضعف هذه الوظائف الحيوية وتزيد خطر الإصابة بالأمراض المزمنة والإجهاد الذهني.
لذلك يُعد النوم المنتظم والعميق من أبسط وأقوى وسائل الوقاية الطبيعية والحفاظ على صحة الجسم والمناعة.
References:
- Sleep Deprivation: What It Is, Symptoms, Treatment & Stages.
- Causes of Sleep Problems.
- Sleep deprivation | Better Health Channel.
- Sleep Deprived? Here Is What Lack of Sleep Does to Your Body.



GIPHY App Key not set. Please check settings