اضطراب الشخصية الاعتمادية هو اضطراب نفسي يؤثر على حياة الفرد بشكل كبير، حيث يواجه صعوبة في اتخاذ القرارات أو القيام بالمهام اليومية دون الاعتماد على الآخرين. يعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب من خوف مفرط من الوحدة أو فقدان الدعم، مما يؤدي إلى سلوكيات قد تكون ضارة بعلاقاتهم وصحتهم النفسية. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل مفهوم هذا الاضطراب، أسبابه، أعراضه، وتأثيره على الحياة اليومية، بالإضافة إلى أفضل طرق التعامل معه.
ما هو اضطراب الشخصية الاعتمادية؟
اضطراب الشخصية الاعتمادية يُعرف بأنه حالة نفسية تتميز بعدم الثقة بالنفس والحاجة المستمرة للحصول على الدعم والمساعدة من الآخرين. يشعر المصابون به بالعجز عن القيام بأي قرار أو مهمة دون توجيه أو تأكيد من أشخاص آخرين. وهذا يجعلهم يعتمدون بشدة على من حولهم، سواء كانوا أصدقاء، شركاء، أو حتى زملاء عمل.
يبدأ هذا النمط السلوكي غالبًا في مرحلة البلوغ المبكرة وقد يؤثر على العلاقات الاجتماعية والمهنية للشخص.
اقرأ أيضا: النرجسي الخفي و7 علامات لتكشف تخفِّيه
أعراض اضطراب الشخصية الاعتمادية
هناك مجموعة من الأعراض التي قد تشير إلى الإصابة باضطراب الشخصية الاعتمادية. من أبرزها:
• صعوبة اتخاذ القرارات اليومية:
يحتاج الشخص دائمًا إلى نصيحة أو تأكيد من الآخرين حتى في الأمور البسيطة مثل اختيار الملابس أو الطعام.
• الاعتماد المفرط على الآخرين:
يتجنب المصاب تحمل أي مسؤولية ويريد أن يقوم الآخرون باتخاذ القرارات نيابة عنه.
• الخوف من فقدان الدعم:
يشعر بخوف شديد من أن يتركه الأشخاص المحيطون به، مما يجعله يتسامح مع سوء المعاملة أو يبذل جهدًا مفرطًا للحفاظ على العلاقات.
• تجنب النزاعات:
يخشى التعبير عن آرائه أو رفض طلبات الآخرين حتى لا يفقد دعمهم.
• البحث المستمر عن علاقة جديدة:
عند انتهاء علاقة، يشعر بفراغ كبير ويبحث بسرعة عن شخص آخر يوفر له الدعم.
• الشعور بعدم الكفاءة:
يعتقد الشخص أنه غير قادر على القيام بأي شيء بمفرده.
أسباب اضطراب الشخصية الاعتمادية
مثل معظم الاضطرابات النفسية، ليس هناك سبب واحد محدد يؤدي إلى اضطراب الشخصية الاعتمادية. ومع ذلك، هناك عدة عوامل قد تزيد من خطر الإصابة باضطراب الشخصية الاعتمادية مثل:
• عوامل نفسية:
. الإفراط في الحماية من الوالدين خلال الطفولة قد يجعل الطفل يشعر بعدم القدرة على التصرف بمفرده.
. نقص الدعم العاطفي أو التعرض للتجاهل قد يضعف الثقة بالنفس.
• عوامل وراثية:
الوراثة قد تلعب دورًا، حيث يكون لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من اضطرابات الشخصية فرصة أكبر للإصابة.
• تجارب الحياة:
التعرض لصدمات نفسية، مثل فقدان شخص مقرب أو علاقة مؤذية، قد يؤدي إلى تطوير هذا الاضطراب.
اقرأ أيضًا: اضطراب الوسواس القهري أسبابه وأعراضه و3 طرق للعلاج
تأثير اضطراب الشخصية الاعتمادية على الحياة اليومية:
الحياة مع اضطراب الشخصية الاعتمادية ليست سهلة، إذ يؤثر هذا الاضطراب على مختلف جوانب الحياة مثل:
• العلاقات الاجتماعية:
قد يشعر الشركاء أو الأصدقاء بالإرهاق بسبب الاعتماد الزائد عليهم.
• العمل:
يواجه المصابون صعوبة في اتخاذ القرارات وتحمل المسؤوليات، مما قد يؤثر على أدائهم المهني.
• الصحة النفسية:
قد يؤدي هذا الاضطراب إلى مشاكل أخرى مثل التوتر والقلق أو الاكتئاب نتيجة الشعور الدائم بالعجز.
كيف تتعامل مع شخص مصاب باضطراب الشخصية الاعتمادية؟
التعامل مع شخص مصاب باضطراب الشخصية الاعتمادية قد يكون تحديًا، لكنه ممكن إذا كنت تعرف الطريقة الصحيحة لدعمه. المفتاح الأساسي هو مساعدته على بناء ثقته بنفسه دون تعزيز سلوك الاعتمادية. إليك بعض النصائح العملية للتعامل:
• تعزيز الاستقلالية:
شجع الشخص على اتخاذ قراراته بنفسه بدلاً من الاعتماد عليك باستمرار. يمكنك تقديم المشورة، لكن اترك القرار النهائي له.
• تقديم الدعم دون مبالغة:
• كن متاحًا للدعم العاطفي، لكن حاول ألا تبالغ في تقديم المساعدة في كل موقف، لأن ذلك قد يعزز الاعتماد الزائد.
• وضع حدود واضحة:
ضع حدودًا صحية للعلاقة بينكما. هذا يساعد الشخص على إدراك أهمية الاعتماد على نفسه بدلاً من الاعتماد الكامل عليك.
• التشجيع على طلب المساعدة من المختصين:
إذا كان الشخص يعاني بشكل ملحوظ، ساعده على إدراك أهمية التحدث مع معالج نفسي أو أخصائي نفسي للحصول على الدعم اللازم.
• تفهم مشاعره دون انتقاد:
الشخص المصاب باضطراب الشخصية الاعتمادية غالبًا ما يعاني من قلق عميق بشأن فقدان الدعم. كن صبورًا وتجنب انتقاده على سلوكياته، وبدلاً من ذلك، قدم له الحلول بشكل إيجابي.
علاج اضطراب الشخصية الاعتمادية
علاج اضطراب الشخصية الاعتمادية يتطلب مزيجًا من العلاج النفسي والتوجيه المهني لتطوير مهارات الاستقلالية. هناك عدة خيارات علاجية فعّالة يمكن أن تساعد في تقليل أعراض هذا الاضطراب وتحسين جودة الحياة:
• العلاج السلوكي المعرفي (CBT):
يُعد العلاج المعرفي السلوكي (CBT) الخيار الأكثر شيوعًا لعلاج اضطراب الشخصية الاعتمادية. يساعد هذا العلاج الشخص على التعرف على أنماط التفكير السلبية وتطوير مهارات جديدة لاتخاذ القرارات والاعتماد على نفسه.
• العلاج الجماعي:
الانضمام إلى مجموعة دعم قد يمنح المصاب فرصة للتعلم من تجارب الآخرين ويشعره بأنه ليس وحده في مواجهة هذا التحدي.
• تطوير المهارات الاجتماعية:
يساعد التدريب على المهارات الاجتماعية المصاب على بناء الثقة والتعامل بشكل أفضل مع المواقف الاجتماعية دون الشعور بالعجز.
• العلاج الدوائي:
في بعض الحالات، قد يُوصى باستخدام الأدوية لعلاج القلق أو مضادات الاكتئاب المصاحب لاضطراب الشخصية الاعتمادية، لكن ذلك يتم فقط تحت إشراف طبيب مختص.
• دعم الأسرة والأصدقاء:
العلاج لا يقتصر على المصاب فقط؛ بل يمكن إشراك الأسرة والأصدقاء في خطة العلاج لتوفير بيئة داعمة تُحفز الاستقلالية.
اقرأ أيضًا: علم النفس الإيجابي
خاتمة:
التعامل مع اضطراب الشخصية الاعتمادية وعلاجه يحتاج إلى صبر واستمرارية، سواء كنت المصاب أو أحد أفراد أسرته. بالجمع بين الدعم النفسي والعلاج المناسب، يمكن التغلب على هذا الاضطراب وعيش حياة أكثر استقلالية وإيجابية.
اقرأ أيضًا: التفكير الزائد (overthinking)، أسبابه، و7 طرق للتخلص منه
المصادر:
https://www.webmd.com/anxiety-panic/dependent-personality-disorder
https://www.healthline.com/health/dependent-personality-disorder
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK606086
https://www.verywellmind.com/dependent-personality-disorder-symptoms-causes-and-treatment-6544787
https://www.psychdb.com/personality/dependent
https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/9783-dependent-personality-disorder
د شرين سعيد
GIPHY App Key not set. Please check settings