يعد الشلل الدماغي (Cerebral Palsy) من أكثر الاضطرابات العصبية الحركية شيوعًا عند الأطفال حيث يصيب طفلًا من كل 1000 طفل سنويًا على مستوى العالم، وهو حالة تؤثر على قدرة الطفل على الحركة والتوازن والتنسيق العضلي نتيجة تلف أو خلل في الدماغ غير المتطور بالكامل، وغالبًا ما يحدث هذا التلف خلال الحمل أو أثناء الولادة أو في السنوات الأولى من حياة الطفل. الشلل الدماغي ليس مرضًا متفاقمًا أو معديًا بل هو إصابة دائمة في الدماغ تؤثر على الأداء الجسدي بدرجات متفاوتة، ويمكن التعامل معها بالعلاج والرعاية المبكرة لتحسين حياة الطفل.

اسباب الشلل الدماغي
يحدث الشلل الدماغي نتيجة حدوث ضرر في الجزء من المخ المسؤول عن الحركة، وقد يتعدى الضرر هذا الجزء ليصيب أجزاء أخرى من المخ فيؤدي إلى مشاكل متعددة في وظائف أخرى مثل الكلام والبلع.
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إليه وأغلبها يحدث قبل الولادة بنسبة 80% ولكن يمكن أن تحدث أثناء أو بعد الولادة بنسبة 10%.
أثناء الحمل:
- نقص الأوكسجين الواصل إلى دماغ الجنين.
- العدوى التي تصيب الأم مثل الحصبة الألمانية أو التوكسوبلازما.
- التعرض للمواد السامة أو الإشعاع.
- مشاكل في المشيمة تؤثر على تغذية الجنين.
- التشوهات الخلقية والمشكلات الوراثية التي تؤثر في تكوين الجنين.
أثناء الولادة:
- الولادة المبكرة قبل اكتمال نمو الدماغ.
- الاختناق الولادي الناتج عن تأخر الولادة أو التفاف الحبل السري حول عنق الطفل.
- النزيف داخل الدماغ أثناء الولادة.
- السكتات الدماغية.
بعد الولادة:
- التهاب الدماغ أو السحايا.
- إصابات الرأس الشديدة الناتجة عن الحوادث أو السقوط.
- اليرقان الشديد الذي يؤدي إلى تلف في خلايا الدماغ.
- نقص الأوكسجين بسبب توقف التنفس أو النوبات الشديدة.
- الاختناق.
عوامل الخطر
هناك العديد من العوامل التي تجعل الشلل الدماغي أكثر حدوثًا ومن أبرزها:
- الولادة المبكرة (قبل 28 أسبوعًا).
- انخفاض وزن الجنين (أقل من كيلوجرامًا ونصف).
- تناول الأم الحامل للمواد المخدرة.
- تسمم الحمل.
- الحمل في توأم أو أكثر.
اقرأ أيضًا: لين العظام
انواع الشلل الدماغي
يقسم الأطباء الشلل الدماغي حسب طبيعة الإصابة وتأثيرها على الحركة إلى عدة أنواع رئيسية:
- الشلل الدماغي التشنجي (Spastic Cerebral Palsy):
وهو الأكثر شيوعًا حيث يصيب 80% من المصابين به ويسبب تصلبًا في العضلات وردود فعل مبالغ فيها مما يجعل المشي صعبًا.
يعاني العديد من المصابين به من اضطرابات في المشي، مثل تقاطع الركبتين دون قصد أو القيام بحركات مقصية بأرجلهم. قد يُصابون أيضًا بضعف العضلات والشلل.
وقد يصيب جانبًا واحدًا من الجسم (شلل نصفي) أو كلا الساقين (شلل مزدوج) أو الأطراف الأربعة (شلل رباعي).
- الشلل الدماغي الحركي اللاإرادي (Dyskinetic Cerebral Palsy):
يسبب حركات لا إرادية وغير منسقة في الأطراف ويمكن أن تمتد للوجه والجذع واللسان فتسبب مشكلات الكلام والمضغ وازدياد سيلان اللُعاب.
- الشلل الدماغي الترنحي (Ataxic Cerebral Palsy):
هو أقل الأنواع انتشارًا ويتميز بضعف التوازن وصعوبة في تنسيق الحركات الدقيقة مثل الكتابة والإمساك بالأشياء.
- الشلل الدماغي منخفض التوتر (Hypotonic Cerebral Palsy):
هو نوع نادر حيث يتميز بارتخاء وضعف في العضلات بدلاً من التصلب، مما يؤدي إلى صعوبة في التحكم في العضلات والمحافظة على الوضعية وتأخر في الوصول للمراحل التطورية الحركية.
- الشلل الدماغي المختلط (Mixed Cerebral Palsy):
وهو مزيج من أكثر من نوع وغالبًا ما يجمع بين التشنج والحركات اللاإرادية.
اعراض الشلل الدماغي
تختلف الأعراض من طفلٍ إلى آخر وتختلف باختلاف شدة الإصابة ونوعها، وتكون الأعراض أكثر وضوحًا مع نمو الطفل وحاجته لاستخدام قوته العضلية وقدرته الحركية ومن هذه الأعراض:
- تأخر في الجلوس أو الزحف أو المشي.
- صعوبة في التحكم بالرأس أو الإمساك بالأشياء.
- تصلب أو ارتخاء غير طبيعي في العضلات.
- حركات لا إرادية أو اهتزازات.
- تأخر في النطق أو صعوبة في البلع.
- اختلاف في حركة أحد جانبي الجسم عن الآخر.
- مشاكل في الرؤية أو السمع أو الإدراك.
- مشاكل عصبية مثل التشنجات وانخفاض معدل الذكاء والعمى.
يولد أطفال الشلل الدماغي به ولكن يمكن أن يتأخر ظهور الأعراض لعدة أشهر أو ربما سنوات بعد الولادة وغالبًا ما تظهر الأعراض بعد أشهر قليلة من الولادة.
اقرأ أيضًا: التهاب الجيوب الأنفية أنواعه وأعراضه وعلاجه و7 طرق للوقاية منه
تصنيف الشلل الدماغي عند الأطفال
هناك خمسة مستويات للشلل الدماغي وهي:
- المستوى الأول: يتميز بالقدرة على المشي بدون معوقات.
- المستوى الثاني: يتميز بالقدرة على المشي بدون معوقات ولكن لا توجد قدرة على الركض أو القفز ويمكن أن يستخدم وسائل مساعدة في بداية تعلمه المشي.
- المستوى الثالث: يستطيع المريض الجلوس بمساعدة والوقوف بدون مساعدة ولا بد أن يستخدم وسائل مساعدة كالعصا عند المشي.
- المستوى الرابع: يحتاج المريض لاستخدام وسائل المساعدة عند المشي والجلوس.
- المستوى الخامس: لا بد أن يحصل المريض على وسائل الدعم حتى يستطيع أن يصلب رأسه.
مضاعفات الشلل الدماغي
- مشكلات التواصل مثل تأخر اللغة والكلام.
- الجنف والانحناء الجانبي للظهر والحداب.
- هشاشة العظام.
- التقلصات.
- مشاكل الأسنان.
- التبول اللاإرادي.
تشخيص الشلل الدماغي
يعتمد التشخيص على التاريخ المرضي والفحص السريري الدقيق ومتابعة تطور الطفل الحركي والعقلي ويستخدم الأطباء مجموعة من الفحوص لتأكيد التشخيص منها:
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): للكشف عن التلف الدماغي أو التشوهات.
- التصوير بالموجات فوق الصوتية للدماغ: خصوصًا عند الرضع.
- تخطيط الدماغ الكهربائي (EEG): إذا كان الطفل يعاني من نوبات الصرع.
- الفحوص المخبرية الوراثية أو الأيضية: في بعض الحالات النادرة.
- وإذا تأكد تشخيص الشلل الدماغي فلا بد من إجراء الفحوصات العصبية كاختبارات السمع والإبصار والذكاء والحركة.
العلاج والتأهيل
لا يوجد علاج نهائي يشفي من الشلل الدماغي ولكن يمكن تحسين الحالة بشكل كبير من خلال برنامج علاجي يضعه فريق من الأطباء يتضمن طبيب الأعصاب وطبيب الأطفال وطبيب أمراض التخاطب وطبيب السمعيات وطبيب العيون من أجل تعزيز قدرات الطفل على التواصل. يشمل العلاج:
- العلاج الطبيعي: يساعد على تقوية العضلات وتحسين التوازن والمرونة.
- العلاج الوظيفي: يُعلم الطفل كيفية أداء وظائف الحياة اليومية كالأكل والشرب.
- علاج النطق والتخاطب: لتحسين مهارات التواصل والكلام.
- العلاج بالأدوية: مثل أدوية التشنجات.
- التدخل الجراحي: في بعض حالات تشوه العظام الشديدة.
- وسائل المساعدة مثل سماعات الأذنين والنظارات الطبية.
- العلاج النفسي والدعم الاجتماعي.
الشلل الدماغي عند الكبار: عندما يكبر الطفل المصاب بالشلل الدماغي فإنه يحتاج بالإضافة إلى الفحص العام إلى فحص السمع والبصر والأسنان وقدرة العضلات والأعصاب بصورة مستمرة.

الوقاية من الشلل الدماغي
رغم أن الوقاية التامة غير ممكنة دائماً يمكن تقليل خطر الإصابة عن طريق:
- المتابعة الطبية المنتظمة أثناء الحمل.
- تجنب العدوى من خلال التطعيمات والوقاية من الأمراض.
- التغذية السليمة للأم والجنين.
- الولادة في مراكز طبية مجهزة للتعامل مع الحالات الطارئة.
- تجنب إصابات الرأس في الطفولة عبر استخدام أدوات السلامة.
- علاج اليرقان أو الالتهابات بسرعة.
الشلل الدماغي عند الأطفال ليس نهاية الطريق بل هو تحدٍ يمكن تجاوزه بالوعي والعلاج والدعم. فالكثير من الأطفال المصابين يتمكنون من عيش حياة منتجة وسعيدة عندما يحصلون على الرعاية المناسبة منذ الصغر.
يتطلب الأمر تعاونًا بين الأطباء والمعالجين والأسرة والمجتمع لتأمين مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال وتمكينهم من تحقيق إمكاناتهم.
المصادر
https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/cerebral-palsy/diagnosis-treatment/drc-20354005
https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/8717-cerebral-palsy#management-and-treatment
https://www.webmd.com/children/understanding-cerebral-palsy-basic-information#1-3
https://www.healthline.com/health/cerebral-palsy#prevention
https://www.medicalnewstoday.com/articles/152712#in-children
GIPHY App Key not set. Please check settings