يُعد الكبد من أهم الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، إذ يلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم مستوى السكر في الدم عبر تخزين الجلوكوز، وإطلاقه عند الحاجة. ومع ذلك فإن تراكم الدهون على الكبد أو الإصابة بـ الكبد الدهني غير الكحولي قد يؤدي إلى اضطراب في إفراز الإنسولين، مما يرفع خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. يتميز كلٌّ من داء السكري من النوع الثاني (T2D) واضطراب سكر الدم (IGT) بفرط سكر الدم بعد الأكل، بينما يُلاحظ فرط سكر الدم أثناء الصيام لدى بعض غير المصابين بالسكري، أي أولئك الذين يعانون من اختلال سكر الدم أثناء الصيام (IFG)، ولكن ليس لدى جميع مرضى داء السكري من النوع الثاني. علاوةً على ذلك، يُقدَّر معدل انتشار مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD) عالميًا بين مرضى داء السكري من النوع الثاني بنسبة 55.5%، أي ما يقارب ضعف معدل انتشاره بين عامة السكان، بينما يبلغ معدل انتشار التهاب الكبد الدهني غير الكحولي %NASH) 37.3). في هذا المقال سنتعرف على العلاقة الوثيقة بين الكبد، ومرض السكري، وأهم طرق الوقاية، والعلاج للحفاظ على صحة الكبد.
العلاقة بين الكبد ومرض السكري
كيف يؤثر مرض السكري على الكبد؟
عند ارتفاع مستويات السكر في الدم لفترات طويلة، تتأثر خلايا الكبد، وتبدأ الدهون في التراكم داخلها. هذا التراكم قد يؤدي إلى الكبد الدهني أو حتى تليف الكبد في المراحل المتقدمة. كما أن ارتفاع الإنسولين المزمن يجعل الكبد أقل حساسية له، مما يسبب مقاومة الإنسولين ويزيد من سوء الحالة.
كيف تؤثر أمراض الكبد على سكر الدم؟
عندما يصاب الكبد بخلل وظيفي، يصبح غير قادر على تخزين الجلوكوز أو إفرازه بشكل منتظم، ما يؤدي إلى اضطراب في مستويات السكر. كما أن دهون الكبد تؤدي إلى إفراز مواد التهابية تضعف استجابة الخلايا للإنسولين، مما يرفع خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
الكبد الدهني غير الكحولي وعلاقته بمرض السكري
الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD) هو أكثر أمراض الكبد شيوعًا بين المصابين بالسكري. تشير الدراسات إلى أن أكثر من 50% من مرضى السكري يعانون بدرجات مختلفة من دهون الكبد. ويُعتبر هذا النوع من أمراض الكبد علامة تحذيرية مبكرة لاضطراب التمثيل الغذائي ومقاومة الإنسولين.
الأسباب المشتركة بين الكبد الدهني والسكري
- الإفراط في تناول السكريات والدهون المشبعة.
- السمنة، خاصة دهون البطن.
- قلة النشاط البدني.
- اضطراب مستوى الدهون في الدم.
- العوامل الوراثية والهرمونية.
أعراض الكبد الدهني عند مرضى السكري
غالبًا ما تكون أعراض الكبد الدهني غير واضحة في المراحل الأولى، لكن قد تظهر بعض العلامات مثل:
- الشعور بالتعب العام والإرهاق.
- ألم خفيف في الجزء الأيمن العلوي من البطن.
- ارتفاع إنزيمات الكبد في التحاليل الدورية.
- اضطراب في مستوى السكر رغم الانتظام في العلاج.
داء السكري الكبدي كمضاعفة لتليف الكبد
يتطور داء السكري الكبدي عادةً كمضاعفة لداء السكري الكبدي لدى المرضى الذين لا يعانون من عوامل خطر شائعة لداء السكري من النوع الثاني: ارتفاع مؤشر كتلة الجسم (BMI)، وتاريخ عائلي للإصابة بداء السكري، وفرط شحميات الدم. على العكس من ذلك، قد يتم تشخيص داء السكري من النوع الثاني قبل داء السكري الكبدي أو بالتزامن معه (خاصةً لدى مرضى تليف الكبد غير الكحولي)، حيث تلعب عوامل الخطر التقليدية دورًا رئيسيًا. ومع ذلك، في الممارسة السريرية، قد يكون التمييز بين داء السكري الكبدي وداء السكري من النوع الثاني صعبًا.
تشخيص أمراض الكبد عند مرضى السكري
يبدأ التشخيص بإجراء تحاليل الدم لقياس إنزيمات الكبد، يليها فحص الموجات فوق الصوتية للكشف عن تراكم الدهون. في بعض الحالات، يُستخدم جهاز الفيبروسكان (FibroScan) لتقييم درجة التليف. كما يمكن للطبيب فحص مؤشرات مقاومة الإنسولين لتحديد مدى الترابط بين الكبد والسكري.
كيف يمكن لمرضى السكري حماية الكبد؟
النظام الغذائي الصحي
- تقليل استهلاك السكريات والدهون المشبعة.
- الإكثار من تناول الخضروات والفواكه الغنية بالألياف.
- تجنب الأطعمة المقلية والمصنعة.
- شرب الماء بكميات كافية لدعم وظائف الكبد.
نمط الحياة والنشاط البدني
- ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة يوميًا.
- إنقاص الوزن تدريجيًا بمعدل صحي.
- الامتناع عن التدخين والكحول.
المتابعة الطبية المنتظمة
- إجراء فحوصات وظائف الكبد كل 6 أشهر.
- مراقبة مستويات السكر والدهون في الدم بانتظام.
- استشارة الطبيب فور ظهور أي أعراض جديدة.
علاج الكبد الدهني عند مرضى السكري
لا يوجد علاج دوائي محدد للكبد الدهني حتى الآن، لكن يمكن تحسين الحالة بشكل كبير من خلال:
- الالتزام بنظام غذائي متوازن.
- التحكم في مستويات السكر والدهون.
- استخدام أدوية مقاومة الإنسولين (بإشراف الطبيب).
- تناول مكملات فيتامين E في بعض الحالات بعد استشارة الطبيب المختص.
اقرأ أيضا: الفيتامينات
الخلاصة
الكبد والسكري مرتبطان بعلاقة متبادلة ومعقدة؛ فاضطراب أحدهما يؤثر مباشرة على الآخر. الحفاظ على وزن صحي، ونظام غذائي متوازن، ومتابعة طبية دورية هي مفاتيح الوقاية من مضاعفات الكبد عند مرضى السكري. إن العناية بصحة الكبد لا تقل أهمية عن التحكم في مستوى السكر في الدم، فكلاهما أساس للحفاظ على توازن الجسم وسلامته.
References
1-https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S1471489220301193
2-https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC7827383/



GIPHY App Key not set. Please check settings