
يعد سرطان الكبد من أكثر أنواع السرطان شيوعا حول العالم، وهو من بين الأسباب الرئيسية للوفيات المرتبطة بالسرطان. بحسب منظمة الصحة العالمية WHO فإن سرطان الكبد يحتل المرتبة الثالثة ضمن الأسباب المؤدية للوفاة بالسرطان على مستوى العالم.
تنتج معظم حالات سرطان الكبد عن الإصابة المزمنة بفيروس التهاب الكبد الوبائي B وC، إضافة إلى عوامل أخرى مثل التليف الكبدي، داء الكبد الدهني، والإفراط في شرب الكحول.
وفي هذا المقال سنستعرض بشكل شامل أهم الجوانب المتعلقة بسرطان الكبد، أنواعه وأسبابه، مرورا بالأعراض والتشخيص، وأحدث طرق العلاج والوقاية.
أنواع سرطان الكبد
ينقسم سرطان الكبد إلى نوعين رئيسيين:
- سرطان الكبد الأولي (Primary liver cancer)
- ينشأ في خلايا الكبد نفسها.
- اكثر الانواع شيوعا هو سرطان الخلايا الكبديةHepatocellular Carcinoma – HCC)، ويشكّل نحو 75-85% من الحالات.
- هناك نوع آخر أقل شيوعا يسمى سرطان الأقنية الصفراوية داخل الكبد (Intrahepatic Cholangiocarcinoma).
- سرطان الكبد الثانوي Secondary or Metastatic Liver Cancer
- لا يبدأ من الكبد، بل ينتشر إليه من أعضاء أخرى مثل القولون، أو المعدة، أو الرئة، أو الثدي.
- يُعد أكثر شيوعا من النوع الأول .
أسباب سرطان الكبد وعوامل الخطر
1-العدوى الفيروسية
فيروس التهاب الكبد B وC من الأسباب الأساسية، فالإصابة المزمنة بهذين الفيروسين تؤدي إلى تليف الكبد، مما يرفع خطر تطور السرطان.
2- تليف الكبد(Cirrhosis)
- يحدث نتيجة تلف مزمن في الكبد بسبب العدوى، أو الكحول، أو أمراض وراثية.
- يعتبر بيئة مناسبة لنمو الخلايا السرطانية .
3-الكحول
الإفراط في شرب الكحول يؤدي إلى التهاب الكبد الكحولي ثم تليفه، وبالتالي يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد.
4-داء الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD)
وهو مرتبط بالسمنة والسكري، ويؤدي في مراحل متقدمة إلى تليف الكبد.
5-العوامل الوراثية والبيئية
- مثل داء ترسب الأصبغة الدموية (Hemochromatosis).
- التعرض المطول لأفلاتوكسين (Aflatoxin) في الأغذية الملوثة.
أعراض سرطان الكبد
لا تظهر الأعراض غالبًا في المراحل المبكرة، لكن مع تقدم
المرض قد تشمل:
- ألم في الجزء العلوي الأيمن من البطن.
- تضخم الكبد أو الشعور بكتلة في البطن.
- اصفرار الجلد والعينين (اليرقان).
- الإرهاق المستمر.
- الغثيان والقيء.
- تورم البطن نتيجة لتجمع السوائل (الاستسقاء).
- فقدان الشهية وفقدان الوزن.
كيف يتم تشخيص سرطان الكبد؟

يعتمد التشخيص على مجموعة من الفحوصات وتشمل:
- تحاليل الدم
- فحص مستويات ألفا فيتو بروتين (AFP) كمؤشر محتمل للسرطان.
- التصوير الطبي
- الموجات فوق الصوتية (Ultrasound).
- الأشعة المقطعية (CT scan) أو الرنين المغناطيسي(MRI).
- الخزعة الكبدية (Liver Biopsy)
- تؤخذ عينة من النسيج لتأكيد التشخيص، رغم أن التشخيص غالبًا يتم بالتصوير والتحاليل دون الحاجة إليها في حال وجود مؤشرات كافية.
مراحل سرطان الكبد
تحدد المرحلة حسب حجم الورم وعدد الأورام وانتشارها، وتشمل:
- المرحلة الأولى: ورم صغير لم ينتشر.
- المرحلة الثانية: ورم أكبر أو أكثر من ورم واحد صغير.
- المرحلة الثالثة: انتشار الورم إلى الأوعية الدموية أو الأعضاء المجاورة.
- المرحلة الرابعة: انتشار السرطان إلى أعضاء بعيدة مثل الرئة أو العظام.
علاج سرطان الكبد

يعتمد علاج سرطان الكبد على عدة عوامل، من أهمها: نوع السرطان (أولي أو ثانوي)، ومرحلته، وحجم الورم، والحالة العامة للمريض، ووظائف الكبد المتبقية، لهذا السبب، يتم وضع خطة علاج فردية لكل مريض، وغالبا ما يشرف عليها فريق متعدد التخصصات من أطباء الأورام، وجراحة الكبد، والأشعة التداخلية، وأطباء الكبد.
أولًا: الجراحة (الاستئصال الجراحي)
الجراحة هي الخيار العلاجي المفضل في المراحل المبكرة من سرطان الكبد، خاصة في حالة وجود ورم منفرد وكبد سليم نسبيًا. وتشمل:
- الاستئصال الجزئي للكبد (Hepatectomy):
يتضمن إزالة الجزء المصاب من الكبد. مناسب للمرضى الذين لا يعانون من تليف كبدي شديد ووظائف كبدهم جيدة (Child-Pugh A).
مخاطر الجراحة تشمل:
- النزيف.
- فشل الكبد بعد الجراحة.
- المضاعفات المرتبطة بالتخدير.
ثانيًا: زراعة الكبد (Liver Transplantation)
تُعد زراعة الكبد علاجًا جذريًا، حيث يتم استبدال الكبد المصاب بكبد سليم من متبرع.
يُوصى بها في الحالات التالية:
- وجود ورم مفرد ≤5 سم، أو حتى 3 أورام ≤3 سم لكل منها (معايير ميلان).
- وجود تليف كبدي متقدم.
يُعد توفر المتبرعين من أكبر تحديات هذا الخيار، بالإضافة إلى الوقت على قوائم الانتظار.
اقرأ أيضا: منحة حياة جديدة: كل ما تحتاج معرفته عن زراعة الكبد
ثالثًا: العلاجات المحلية (Locoregional Therapies)
تُستخدم غالبًا للمرضى غير المؤهلين للجراحة أو الزرع، وللحد من نمو الورم أو التحضير للزرع.
- الاجتثاث بالتردد الحراري (RFA) أو المايكروويف (MWA
- يُدخل مسبار في الورم ويُولد حرارة تدمر الخلايا السرطانية.
- مناسب للورم ≤3 سم.
- الانصمام (Embolization)
الانصمام الكيميائي عبر الشريان الكبدي (TACE):
يتم حقن أدوية كيماوية مباشرة في الشريان المغذي للورم، ثم إغلاقه بمواد تمنع وصول الدم، مما يُسبب موت الورم.
- الانصمام الإشعاعي (TARE أو SIRT):
يتم حقن جسيمات مشعة (مثل Yttrium-90) داخل الشريان الكبدي، تستهدف الورم مباشرة.
تُستخدم هذه العلاجات أحيانًا كجسر لزراعة الكبد أو لتقليص الورم.
رابعًا: العلاج الدوائي
(Systemic Therapy
يُستخدم في مراحل سرطان الكبد المتقدمة أو في الحالات التي لا يمكن فيها استخدام الجراحة أو العلاجات الموضعية.
1-العلاج الموجّه (Targeted Therapy)
- سورافينيب (Sorafenib) ولينفانتينيب (Lenvatinib):
تُثبط عوامل نمو الأوعية الدموية (VEGF) داخل الورم وتُقلل من نموه.
تُستخدم كعلاج خط أول في مراحل السرطان المتقدمة.
- ريغورافينيب (Regorafenib)، كابوزانتينيب (Cabozantinib):
تُستخدم كخيارات خط ثاني بعد فشل الخط الأول.
2-العلاج المناعي (Immunotherapy)
أدوية مثبطات نقاط التفتيش المناعي مثل
- Atezolizumab + Bevacizumab
- Nivolumab
تساعد الجهاز المناعي في التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها.
أظهرت نتائج واعدة في تحسين البقاء على قيد الحياة.
العلاج المناعي يُحدث ثورة في إدارة سرطان الكبد، لكن لا يزال قيد الدراسات المستفيضة لتحديد الفئات الأكثر استفادة.
خامسًا: العلاج الإشعاعي
نادراً ما يُستخدم بسبب حساسية الكبد للإشعاع، لكن قد يُستخدم في الحالات التالية:
- تخفيف أعراض الألم أو النزيف.
- أورام لا يمكن استئصالها أو انصمامها.
- أورام منتشرة إلى العظام أو الدماغ.
سادسًا: الرعاية التلطيفية
(Palliative Care)
في الحالات المتقدمة التي يصعب فيها تحقيق شفاء تام، تُستخدم الرعاية التلطيفية لتحسين جودة حياة المريض من خلال:
- السيطرة على الألم.
- تقليل الأعراض مثل الغثيان، والتعب، وفقدان الشهية.
- الدعم النفسي والاجتماعي للمريض وأسرته.
التطورات المستقبلية في علاج سرطان الكبد
- العلاج الجيني والعلاج بالخلايا المناعية.
- أبحاث مكثفة تُجرى لتحديد مؤشرات حيوية (Biomarkers) تساعد في توجيه العلاج بدقة.
- تحسين بروتوكولات العلاج المدمج بين الجراحة، والانصمام، والعلاج المناعي.
الوقاية من سرطان الكبد
- التطعيم ضد فيروس التهاب الكبد B.
- الكشف الدوري للمرضى المصابين بفيروس C أو B.
- الامتناع عن شرب الكحول.
- الحفاظ على وزن صحي.
- معالجة داء الكبد الدهني مبكرا.
- تفادي التعرض للأفلاتوكسين في الأغذية.
سرطان الكبد مرض خطير، لكن الكشف المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يحسن فرص النجاة. الوقاية من عوامل الخطر، خصوصا الفيروسات الكبدية وتليف الكبد، أمر في غاية الأهمية. كما أن التقدم في خيارات العلاج المناعي والموجه يوفر أملا أكبر للمرضى في المراحل المتقدمة.
المصادر
- World Health Organization – Liver Cancer
- Medscape – Hepatocellular Carcinoma
- Mayo Clinic – Liver Cancer
- National Cancer Institute
- WHO – Cancer Fact Sheets
- Medscape – Hepatocellular Carcinoma Treatment
- Mayo Clinic – Liver cancer
- American Cancer Society – Liver Cancer Treatment
GIPHY App Key not set. Please check settings