عدم الإحساس بالألم الخلقي ( باللغة الإنجليزية: Congenital insensitivity to pain أو اختصارا CIP) هو مصطلح يشير إلى عدم القدرة على الشعور بالألم الجسدي، وهو نوع من الاعتلال العصبي المحيطي، وبالتحديد هو نوع من الاعتلال العصبي الحسي اللاإرادي الوراثي، أو HSAN، ويسببه بعض الاضطرابات الوراثية النادرة.
يولد هذا المرض مع ولادة صاحبه، وأصحاب هذا المرض قد يعانون من مشاكل حسية أخرى مثل عدم المقدرة على الشم، عدم المقدرة على الإحساس بالبرد الشديد أو درجات الحرارة العالية.
هذا المرض هو مرض وراثي يسببه نمط صبغي جسدي متنحٍ، وهذا يعني أن الجنين يجب أن يورث نسختين من الجين المتحور من والديه ليصاب بهذا المرض.
اقرأ أيضا: التهاب السحايا، تعريفه، و3من أسبابه، وأعراضه، والعلاج، والوقاية منه
اسباب عدم الاحساس بالالم
في حالة الشخص السليم، يبدأ الإحساس بالألم الناتج عن أذى جسدي في المستقبلات الحسية الخاصة بالألم، والتي تكون في جميع أجزاء الجسم، ومن ثم يتم نقل الإشارات العصبية على شكل نبضات كهربائية من خلال الأعصاب وصولا إلى الحبل الشوكي انتهاء بالدماغ.
أما في حالة عدم الإحساس بالألم الخلقي فهذا لا يحدث، فإن من اسباب عدم الاحساس بالالم أن مستقبلات الألم لا تعمل بشكل صحيح، إما أنها غير متطورة أو أنها لا تستجيب لإشارات الألم كما يتم في حالة الشخص السليم.
والأسباب الأكثر شيوعا هي الطفرات الجينية، وبالتحديد في جينات SCN9A أو NTRK1، مما يؤدي إلى ظهور أنماط ظاهرية مختلفة لعدم الاحساس بالالم الخلقي وسيتم ذكرها لاحقا.
كيف تعرف أنك مصاب بعدم الإحساس بالألم الخلقي؟
تختلف الأعراض حسب عمر المصاب، ولكنها غالبا ما تشتمل على:
عدم الإحساس بالالم عند الأطفال والرضع:
- إيذاء النفس: عن طريق عض الأصابع، الشفاه، اللسان، والذي يؤدي إلى تلف الأنسجة.
- الجروح والكدمات: بسبب عدم تجنب المخاطر لأنه لا يشعر بالألم.
- الحروق: بسبب ضعف الإحساس بدرجة الحرارة.
- التهابات الأذن المتكررة: التهاب الأذن الوسطى وقد يكون بسبب ضعف الاستجابة المناعية.
- تأخر التئام الجروح: تستغرق الإصابات وقتا أطول لتمام الشفاء مما يعرضها للعدوى.
اقرأ أيضا: طنين الأذن: أسبابه، وعلاجه، و3 طرق للوقاية منه
عدم الإحساس بالألم عند الكبار والبالغين:
- كسور غير مؤلمة.
- تلف المفاصل: شائع في الكاحلين، الوركين، العمود الفقري، ويسبب تشوهات مع مرور الوقت.
- إصابات في العين: مشاكل في الرؤية بسبب غياب ردود الفعل من القرنية.
- مشاكل تنظيم درجة الحرارة: يعاني البعض من عدم القدرة على التعرق مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم، وآخرون يعانون من فرط التعرق.
- التهابات مزمنة: التهابات في الجلد والعظام بشكل متكرر، وخاصة تلك التي تسببها المكورات العنقودية الذهبية.
- اختلافات فكرية وتنموية: يتمتع بعض المصابين بذكاء طبيعي، وآخرون يعانون من صعوبات تعلم تتأرجح بين خفيفة ومتوسطة.
اقرأ أيضا: المغنيسيوم ما علاقته بالعضلات والعظام والنوم
هل عدم الإحساس بالألم الخلقي ميزة؟
قد يبدو أن عدم الشعور بالألم طوال حياتك رفاهية، ولكن هذا غير صحيح، فإن عدم الشعور بالألم الجسدي شيء خطير ويهدد حياة الإنسان.
ولتستبين الصورة أكثر، فإن الشعور بالألم في العادة يكون بمثابة إنذارا لك ولجسمك أن هناك خللا ما أو إصابة أو مرض، كما أن الشعور بالألم يدفعك دائما إلى تجنب المخاطر وتجنب الإصابات والجروح، لذلك نجد أن من يعانون من عدم الإحساس بالألم الخلقي يعرضون أنفسهم للخطر، ويفتقرون إلى غريزة الحماية من الجروح، أو قد يؤذون أنفسهم عن طريق الخطأ، كأن يضع الشخص يديه على موقد ساخن دون الإحساس بحرارته الشديدة!
علاوة على ذلك، فإن بعض الأمراض التي تستدعي حالة الطوارئ قد لا يشعر بها الشخص المصاب، من الأمثلة على ذلك، التهاب الزائدة الدودية أو الأزمة القلبية، وقد لا يلاحظ من يعاني من متلازمة عدم الإحساس بالألم إذا ما كان لديه كسور أو خلع في العظام أو تلف في المفاصل، وهذا قد يسبب تشوها تدريجيا وإعاقة على المدى الطويل.
اقرأ أيضا: التهاب المفاصل
أنماط عدم الإحساس بالألم الخلقي
عدم الإحساس الخلقي بالألم مع عدم التعرق (CIPA)
وهو نمط يجمع بين عدم القدرة على الشعور بالألم الجسدي وعدم القدرة على التعرق منذ الولادة، وفي هذا النمط يعاني المصابون من الحمى المتكررة وعدم قدرتهم على إدراك درجات الحرارة القصوى، وعدم قدرة الجسم على تنظيم درجة الحرارة من خلال التعرق، بالإضافة إلى تأخر في النمو، ومشاكل في السلوك، وانخفاض التوتر العضلي، وأصحاب هذا النمط يعانون من العدوى المتكررة وخاصة من المكورات العنقودية الذهبية، والتي في الغالب ما تكون مقاومة للمضادات الحيوية.
اقرأ أيضا: البكتيريا المقاومه للمضادات الحيويه؛ 3 أنواع أساسية
خلل التوتر العصبي العائلي
وهو حالة وراثية نادرة، تؤثر على الجهاز العصبي، والتنفس، وإفراز اللعاب، وتكوين الدموع، وضعف النمو، وتنظيم درجة حرارة الجسم، وضغط الدم.
عدم الإحساس الخلقي بالألم المرتبط باعتلال القناة
هي حالة لا يشعر فيها المصاب بالألم الجسدي منذ الولادة، سببها تحور في جين SCN9A أو PMRD12 بشكل نادر، وفي هذا النمط ينتج الجسم الكثير من المواد الأفيونية الذاتية – وهي مسكنات ألم طبيعية تنتج بواسطة الدماغ- لذلك لا يستطيع الأشخاص المصابون الشعور بالألم جزئيا.
اقرأ أيضا: بنادول.. أشهر المسكنات المستخدمة وأكثرها أماناً.. مادته الفعالة وأنواعه المختلفة
كيف يتم تشخيص عدم الإحساس بالألم؟
أول ما يُلاحظ على مريض عدم القدرة على الإحساس بالألم من الأطفال هو عدم الاستجابة للألم أو البكاء أثناء الفحص الطبي الدوري أثناء إعطائه إبرة التحصين مثلا.
وليتم تشخيص هذا المرض، يتم أخذ خزعة من الأعصاب لفحصها تحت المجهر، لملاحظة الأعصاب غير المتطورة، وأيضا من الاختبارات الفعالة هو الاختبار الجيني، لملاحظة الجينات المتحورة والطفرات، وهذا الاختبار قد يتم قبل الولادة أو في أي وقت آخر خلال حياة الإنسان.
اقرأ أيضا: تطعيمات الأطفال والتطعيمات الإجبارية من 0-18شهر
هل يمكن علاج عدم الإحساس بالألم؟
في الحقيقة لا يمكن علاج هذا المرض لأنه مرض وراثي في الأصل، ولم يتم اكتشاف علاج له حتى الآن، مما يعني أن يجب على المرضى وأسرهم أن يتعلموا كيفية التعامل مع هذه الحالة والتكيف معها.
يجب على الأهل مراقبة الأطفال جيدا وعن كثب، حيث قد ينتهي بهم الأمر إلى إصابات وجروح بالغة دون شعورهم بالألم، ويجب التأكد أن طفلك لا يبذل جهدا غير ضروريا قد يؤدي إلى إجهاد مفاصله وتدهورها.
كما يعاني الأطفال الذين لا يتعرقون من خطر ارتفاع درجة حرارتهم كما ذُكر سابقا، وهذا قد يؤول إلى حمى مفاجئة ونوبات وينتهي بالوفاة.
تدابير وقائية لأصحاب عدم القدرة على الإحساس بالألم
سيحتاج كل مريض لديه عدم القدرة على الإحساس بالألم إلى اتباع خطة صحية فردية خاصة به تساعده على التكيف مع هذه الحالة في حياته، وتتضمن هذه النصائح:
- تأمين المنزل للأطفال لتجنب الإصابات المحتملة.
- ارتداء معدات الحماية مثل النظارات الواقية، لمنع إيذاء النفس.
- تعليم المرضى طلب المساعدة الطبية عند رؤية الدم أو رؤية إصابة.
- ينصح بالعلاج الطبيعي في حالة تدهور المفاصل.
- في حالة عدم الإحساس بالألم الجسدي مع عدم القدرة على التعرق، ينصح بالانتقال والعيش في مناخ أكثر برودة فهو يساعد على تجنب ارتفاع درجة الحرارة.
عدم القدرة على الإحساس بالألم هي حالة طبية وراثية نادرة إلى حد ما، وفي حين لا يوجد علاج لهذه الحالة، لا يزال بإمكان المرضى وذويهم إدارة الأعراض وتعديل بيئة المعيشة لتتناسب مع وضع المريض.
كما أن التوعية بهذه الحالة أمر مهم لضمان سلامة المرضى، فهم يحتاجون إلى العمل في بيئة آمنة وخالية من المخاطر.
المصادر:
- https://www.webmd.com/children/what-is-congenital-insensitivity-pain
- https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/24220-familial-dysautonomia
- https://rarediseases.org/rare-diseases/congenital-insensitivity-to-pain-cip/
- https://www.apollohospitals.com/diseases-and-conditions/congenital-insensitivity-pain-anhidrosis-cipa-what-you-need-know
GIPHY App Key not set. Please check settings